Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 10-12)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي ينادون يوم القيامة ، فيقال لهم { لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } والتقدير لمقت الله أنفسكم أكبر من مقتكم أنفسكم ، فاستغنى بذكرها مرة . و { إِذْ تُدْعَوْنَ } منصوب بالمقت الأوّل . والمعنى أنه يقال لهم يوم القيامة كان الله يمقت أنفسكم الأمارة بالسوء والكفر ، حين كان الأنبياء يدعونكم إلى الإيمان ، فتأبون قبوله وتختارون عليه الكفر أشدّ مما تمقتونهن اليوم وأنتم في النار إذا أوقعتكم فيها باتباعكم هواهنّ . وعن الحسن لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم ، فنودوا لمقت الله . وقيل معناه لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض ، كقوله تعالى { يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } العنكبوت 25 و { إِذْ تُدْعَوْنَ } تعليل ، والمقت أشدّ البغض ، فوضع في موضع أبلغ الإنكار وأشدّه { ٱثْنَتَيْنِ } إماتتين وإحياءتين . أو موتتين وحياتين . وأراد بالإماتتين خلقهم أمواتاً أوّلاً ، وإماتتهم عند انقضاء آجالهم ، وبالإحيائتين الإحياءة الأولى وإحياءة البعث . وناهيك تفسيراً لذلك قوله تعالى { وَكُنتُمْ أَمْوٰتًا فَأَحْيَـٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } البقرة 28 وكذا عن ابن عباس رضي الله عنهما . فإن قلت كيف صحّ أن يسمى خلقهم أمواتاً إماتة ؟ قلت كما صحّ أن تقول سبحان من صغر جسم البعوضة وكبر جسم الفيل ! وقولك للحفار ضيق فم الركية ووسع أسفلها ، وليس ثم نقل من كبر إلى صغر ولا من صغر إلى كبر ، ولا من ضيق إلى سعة ، ولا من سعة إلى ضيق ، وإنما أردت الإنشاء على تلك الصفات ، والسبب في صحته أن الصغر والكبر جائزان معاً على المصنوع الواحد ، من غير ترجح لأحدهما ، وكذلك الضيق والسعة . فإذا اختار الصانع أحد الجائزين وهو متمكن منهما على السواء فقد صرف المصنوع عن الجائز الآخر ، فجعل صرفه عنه كنقله منه ، ومن جعل الإماتتين التي بعد حياة الدنيا والتي بعد حياة القبر لزمه ثلاث إثبات إحياءات ، وهو خلاف ما في القرآن ، إلاّ أن يتمحل فيجعل إحداها غير معتدّ بها ، أو يزعم أن الله تعالى يحييهم في القبور ، وتستمرّ بهم تلك الحياة فلا يموتون بعدها ، ويعدّهم في المستثنيين من الصعقة في قوله تعالى { إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } النمل 78 . فإن قلت كيف تسبب هذا لقوله تعالى { فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا } ؟ قلت قد أنكروا البعث فكفروا ، وتبع ذلك من الذنوب ما لا يحصى لأن من لم يخش العاقبة تخرق في المعاصي ، فلما رأوا الإماتة والإحياء قد تكرّرا عليهم ، علموا بأن الله قادر على الإعادة قدرته على الإنشاء ، فاعترفوا بذنوبهم التي اقترفوها من إنكار البعث وما تبعه من معاصيهم { فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ } أي إلى نوع من الخروج سريع أو بطىء { مّن سَبِيلٍ } قط ، أم اليأس واقع دون ذلك ، فلا خروج ولا سبيل إليه . وهذا كلام من غلب عليه اليأس والقنوط ، وإنما يقولون ذلك تعللاً وتحيراً ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك ، وهو قوله { ذَلِكُم } أي ذلكم الذي أنتم فيه ، وأن لا سبيل لكم إلى خروج قط بسبب كفركم بتوحيد الله وإيمانكم بالإشراك به { فَٱلْحُكْمُ للَّهِ } حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد وقوله { ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ } دلالة على الكبرياء والعظمة ، وعلى أن عقاب مثله لا يكون إلاّ كذلك ، وهو الذي يطابق كبرياءه ويناسب جبروته . وقيل كأن الحرورية أخذوا قولهم لا حكم إلاّ لله ، من هذا .