Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 22-23)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } في الآخرة { مُشْفِقِينَ } خائفين خوفاً شديداً أرق قلوبهم { مِمَّا كَسَبُواْ } من السيئات { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } يريد ووباله واقع بهم وواصل إليهم لا بدّ لهم منه ، أشفقوا أو لم يشفقوا . كأن روضة جنة المؤمن أطيب بقعة فيها وأنزهها { عِندَ رَبِّهِمْ } منصوب بالظرف لا بيشاؤون قرىء « يبشر » من بشره . ويبشر من أبشره . ويبشر ، من بشره . والأصل ذلك الثواب الذي يبشر الله به عباده ، فحذف الجار ، كقوله تعالى { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } الأعراف 155 ثم حذف الراجع إلى الموصول ، كقوله تعالى { أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } الفرقان 41 أو ذلك التبشير الذي يبشره الله عباده . روي أنه اجتمع المشركون في مجمع لهم فقال بعضهم لبعض أترون محمداً يسأل على ما يتعاطاه أجراً ؟ فنزلت الآية { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } يجوز أن يكون استثناء متصلاً ، أي لا أسألكم أجراً إلا هذا ، وهو أن تودوا أهل قرابتي ولم يكن هذا أجراً في الحقيقة لأنّ قرابته قرابتهم ، فكانت صلتهم لازمة لهم في المروءة . ويجوز أن يكون منقطعاً ، أي لا أسألكم أجراً قط ولكنني أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم . فإن قلت هلا قيل إلا مودّة القربى أو إلا المودة للقربى . وما معنى قوله { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } الشورى 23 ؟ قلت جلعوا مكاناً للمودة ومقراً لها ، كقولك لي في آل فلان مودّة . ولي فيهم هوى وحب شديد ، تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله ، وليست في بصلة للمودَّة ، كاللام إذا قلت إلا المودّة للقربى . إنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك المال في الكيس . وتقديره إلا المودّة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها . والقربى مصدر كالزلفى والبشرى ، بمعنى قرابة . والمراد في أهل القربى . وروى أنها لما نزلت قيل 988 يا رسول الله ، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم ؟ قال " عليّ وفاطمة وابناهما " ويدل عليه ما روى عن علي رضي الله عنه 989 شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حسد الناس لي . فقال « أما ترضى أن تكون رابع أربعة أوّل من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين ، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا ، وذريتنا خلف أزواجنا » وعن النبي صلى الله عليه وسلم 990 " حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي . ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه عليها غداً إذا لقيني يوم القيامة " وروي أنّ الأنصار قالوا 991 فعلنا وفعلنا ، كأنهم افتخروا ، فقال عباس أو ابن عباس رضي الله عنهما لنا الفضل عليكم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاهم في مجالسهم فقال « يا معشر الأنصار ، ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي » ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال « ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله بي » ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال « أفلا تجيبونني » ؟ قالوا ما نقول يا رسول الله ؟ قال « ألا تقولون ألم يخرجك قومك فآويناك ، أو لم يكذبوك فصدقناك ، أو لم يخذلوك فنصرناك » قال فما زال يقول حتى جثوا على الركب وقالوا أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله . فنزلت الآية . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم 992 " من مات على حب آل محمد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ، ثم منكر ونكير ، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة ، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة " وقيل لم يكن بطن من بطون قريش إلا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم قربى ، فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه نزلت . والمعنى إلا أن تودوني في القربى ، أي في حق القربى أو من أجلها ، كما تقول الحب في الله والبغض في الله ، بمعنى في حقه ومن أجله ، يعني أنكم قومي وأحق من أجابني وأطاعني ، فإذ قد أبيتم ذلك فاحفظوا حق القربى ولا تؤذوني ولا تهيجوا عليّ . وقيل 993 أتت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال جمعوه وقالوا يا رسول الله ، قد هدانا الله بك وأنت ابن أختنا وتعروك نوائب وحقوق ومالك سعة ، فاستعن بهذا على ما ينوبك ، فنزلت وردّه . وقيل { ٱلْقُرْبَىٰ } التقرب إلى الله تعالى ، أي إلا أن تحبوا الله ورسوله في تقرّبكم إليه بالطاعة والعمل الصالح . وقرىء « إلا مودّة في القربى » { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً } عن السدّي أنها المودّة في آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومودّته فيهم . والظاهر العموم في أي حسنة كانت إلا أنها لما ذكرت عقيب ذكر المودّة في القربى دل ذلك على أنها تناولت المودّة تناولاً أوّلياً ، كأنّ سائر الحسنات لها توابع . وقرىء « يزد » أي يزد الله . وزيادة حسنها من جهة الله مضاعفتها ، كقوله تعالى { مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } البقرة 245 وقرىء « حسنى » وهي مصدر كالبشرى ، الشكور في صفة الله مجاز للاعتداد بالطاعة ، وتوفيه ثوابها ، والتفضل على المثاب .