Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 10-10)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جواب الشرط محذوف تقديره إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين . ويدل على هذا المحذوف قوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } والشاهد من بني إسرائيل عبد الله بن سلام ، لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة نظر إلى وجهه ، فعلم أنه ليس بوجه كذاب . وتأمّله فتحقق أنه هو النبي المنتظر وقال له 1026 إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبيّ ما أوّل أشراط الساعة ؟ وما أوّل طعام يأكله أهل الجنة ؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمّه ؟ فقال عليه الصلاة والسلام " أما أوّل أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب . وأما أوّل طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت ، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزعه ، وإن سبق ماء المرأة نزعته " فقال أشهد أنك رسول الله حقاً ، ثم قال يا رسول الله ، إن اليهود قوم بهت وإن علموا باسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني عندك . فجاءت اليهود فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم أي رجل عبد الله فيكم ؟ فقالوا خيرنا وابن خيرنا ، وسيدنا وابن سيدنا ، وأعلمنا وابن أعلمنا . قال أرأيتم إن أسلم عبد الله ؟ قالوا أعاذه الله من ذلك ، فخرج إليهم عبد الله فقال أشهد أن لا إلٰه إلا الله وأشهد أنّ محمداً رسول الله ، فقالوا شرنا وابن شرنا انتقصوه . قال هذا ما كنت أخاف عليه يا رسول الله وأحذر . قال سعد بن أبي وقاص 1027 ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض أنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام ، وفيه نزل { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْرٰۤءيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ } الضمير للقرآن ، أي على مثله في المعنى ، وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعانى القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك . ويدل عليه قوله تعالى { وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ ٱلاْوَّلِينَ } الشعراء 196 ، { إِنَّ هَـٰذَا لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلاْولَىٰ } الأعلى 18 ، { كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } الشورى 3 ويجوز أن يكون المعنى إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد على نحو ذلك ، يعني كونه من عند الله . فإن قلت أخبرني عن نظم هذا الكلام لأقف على معناه من جهة النظم . قلت الواو الأولى عاطفة لكفرتم على فعل الشرط ، كما عطفته ثم في قوله تعالى { قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ } فصلت 52 وكذلك الواو الآخرة عاطفة لاستكبرتم على شهد شاهد ، وأما الواو في وشهد شاهد فقد عطفت جملة قوله . { شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم } على جملة قوله كان من عند الله وكفرتم به ونظيره قولك إن أحسنت إليك وأسأت ، وأقبلت عليك وأعرضت عني ، لم نتفق في أنك أخذت ضميمتين فعطفتهما على مثليهما ، والمعنى قل أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به ، واجتمع شهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله وإيمانه به ، مع استكباركم عنه وعن الإيمان به ، ألستم أضل الناس وأظلمهم ؟ وقد جعل الإيمان في قوله { فَئَامَنَ } مسبباً عن الشهادة على مثله لأنه لما علم أنّ مثله أنزل على موسى صلوات الله عليه ، وأنه من جنس الوحي وليس من كلام البشر ، وأنصف من نفسه فشهد عليه واعترف كان الإيمان نتيجة ذلك .