Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 8-8)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَٰهُ } إضراب عن ذكر تسميتهم الآيات سحراً إلى ذكر قولهم إن محمداً افتراه . ومعنى الهمزة في أم الإنكار والتعجيب ، كأنه قيل دع هذا واسمع قولهم المستنكر المفضى منه العجب ، وذلك أن محمداً كان لا يقدر عليه حتى يقوله ويفتريه على الله ، ولو قدر عليه دون أمّة العرب لكانت قدرته عليه معجزة لخرقها العادة ، وإذا كانت معجزة كانت تصديقاً من الله له ، والحكيم لا يصدّق الكاذب فلا يكون مفترياً . والضمير للحق والمراد به الآيات { قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ } على سبيل الفرض عاجلني الله تعالى لا محالة بعقوبة الافتراء عليه . فلا تقدرون على كفه عن معاجلتي ولا تطيقون دفع شيء من عقابه عني ، فكيف أفتريه وأتعرّض لعقابه . يقال فلان لا يملك إذا غضب ، ولا يملك عنانه إذا صمم ، ومثله { فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ } المائدة 17 ، { وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } المائدة 41 ومنه قوله عليه الصلاة السلام 1025 " لا أملك لكم من الله شيئاً " ، ثم قال { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } أي تندفعون فيه من القدح في وحي الله تعالى ، والطعن في آياته ، وتسميته سحراً تارة وفرية أخرى { كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } يشهد لي بالصدق والبلاغ ، ويشهد عليكم بالكذب والجحود . ومعنى ذكر العلم والشهادة وعيد بجزاء إفاضتهم { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } موعدة بالغفران والرحمة إن رجعوا عن الكفر وتابوا وآمنوا ، وإشعار بحلم الله عنهم مع عظم ما ارتكبوا . فإن قلت فما معنى إسناد الفعل إليهم في قوله تعالى { فلا تملكون لي } ؟ قلت كان فيما أتاهم به النصيحة لهم والأشفاق عليهم من سوء العاقبة وإرادة الخير بهم ، فكأنه قال لهم إن افتريته وأنا أريد بذلك التنصح لكم وصدكم عن عبادة الآلهة إلى عبادة الله ، فما تغنون عني أيها المنصوحون إن أخذني الله بعقوبة الافتراء عليه .