Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 12-13)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما استقر بنو إسرائيل بمصر بعد هلاك فرعون أمرهم الله بالمسير إلى أريحاء أرض الشام وكان يسكنها الكنعانيون الجبابرة ، وقال لهم إني كتبتها لكم داراً قراراً ، فاخرجوا إليها وجاهدوا من فيها ، وإني ناصركم ، وأمر موسى عليه السلام بأن يأخذ من كل سبط نقيباً يكون كفيلاً على قومه بالوفاء بما أمروا به توثقة عليهم ، فاختار النقباء وأخذ الميثاق على بني إسرائيل ، وتكفل لهم به النقباء وسار بهم ، فلما دنا من أرض كنعان بعث النقباء يتجسسون ، فرأوا أجراماً عظيمة وقوّة وشوكة فهابوا ورجعوا وحدّثوا قومهم وقد نهاهم موسى عليه السلام أن يحدثوهم ، فنكثوا الميثاق ، إلا كالب بن يوفنا من سبط يهوذا ، ويوشع بن نون من سبط أفراثيم بن يوسف ، وكانا من النقباء . والنقيب الذي ينقب عن أحوال القوم ويفتش عنها ، كما قيل له عريف ، لأنه يتعرفها { إِنّى مَعَكُمْ } أي ناصركم ومعينكم { وعزرتموهم } نصرتموهم من أيدي العدوّ . ومنه التعزير ، وهو التنكيل والمنع من معاودة الفساد . وقرىء بالتخفيف يقال عزرت الرجل إذا حطته وكنفته . والتعزير والتأزير من واد واحد . ومنه لأنصرنك نصراً مؤزراً ، أي قوياً . وقيل معناه ولقد أخذنا ميثاقهم بالإيمان والتوحيد وبعثنا منهم اثني عشر ملكاً يقيمون فيهم العدل ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر . واللام في { لَئِنْ أَقَمْتُمُ } موطئة للقسم وفي { لأَكَفِـّرَنَّ } جواب له ، وهذا الجواب سادّ مسدّ جواب القسم والشرط جميعاً { بَعْدَ ذَلِكَ } بعد ذلك الشرط المؤكد المعلق بالوعد العظيم . فإن قلت من كفر قبل ذلك أيضاً فقد ضلّ سواء السبيل . قلت أجل ، ولكن الضلال بعده أظهر وأعظم ، لأنّ الكفر إنما عظم قبحه لعظم النعمة المكفورة ، فإذازادت النعمة زاد قبح الكفر وتمادى { لَعنَّـٰهُمْ } طردناهم وأخرجناهم من رحمتنا . وقيل مسخناهم . وقيل ضربنا عليهم الجزية { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَٰسِيَةً } خذلناهم ومنعناهم الألطاف حتى قست قلوبهم . أو أملينا لهم ولم نعاجلهم بالعقوبة حتى قست . وقرأ عبد الله « قسيَّة » ، أي ردية مغشوشة ، من قولهم درهم قسيّ وهو من القسوة لأن الذهب والفضة الخالصين فيهما لين والمغشوش فيه يبس وصلابة ، والقاسي والقاسح - بالحاء - أخوان في الدلالة على اليبس والصلابة وقرىء « قسية » ، بكسر القاف للإتباع { يُحَرّفُونَ ٱلْكَلِمَ } بيان لقسوة قلوبهم ، لأنه لا قسوة أشدّ من الافتراء على الله وتغيير وحيه { وَنَسُواْ حَظَّا } وتركوا نصيباً جزيلاً وقسطاً وافياً { مّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } من التوراة ، يعني أن تركهم وإعراضهم عن التوراة إغفال حظ عظيم ، أو قست قلوبهم وفسدت فحرّفوا التوراة وزالت أشياء منها عن حفظهم . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية . وتلا هذه الآية . وقيل تركوا نصيب أنفسهم مما أمروا به من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبيان نعته { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ } أي هذه عادتهم وهجيراهم وكان عليها أسلافهم كانوا يخونون الرسل وهؤلاء يخونونك ينكثون عهودك ويظاهرون المشركين على حربك ويهمون بالفتك بك وأن يسموك { عَلَىٰ خَائِنَةٍ } على خيانة ، أو على فعلة ذات خيانة ، أو على نفس ، أو فرقة خائنة . ويقال رجل خائنة ، كقولهم رجل راوية للشعر للمبالغة . قال @ حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بِالْوَفَاءِ وَلَمْ تَكُن لِلْغَدْرِ خَائِنَةً مَضَلَّ الأُصْبُعِ @@ وقرىء على خيانة { مّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ } وهم الذين آمنوا منهم { فَٱعْفُ عَنْهُمْ } بعث على مخالفتهم . وقيل هو منسوخ بآية السيف . وقيل فاعف عن مؤمنيهم ولا تؤاخذهم بما سلف منهم .