Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 4-4)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في السؤال معنى القول ، فلذلك وقع بعده { مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ } كأنه قيل يقولون لك ماذا أحلّ لهم . وإنما لم يقل ماذا أحلّ لنا ، حكاية لما قالوه لأنّ يسألونك بلفظ الغيبة ، كما تقول أقسم زيد ليفعلنّ . ولو قيل لأفعلنّ وأُحلّ لنا ، لكان صواباً . و ماذا مبتدأ ، و أحلّ لهم خبره كقولك أي شيء أحلّ لهم ؟ ومعناه ماذا أحلّ لهم من المطاعم كأنهم حين تلا عليهم ما حرّم عليهم من خبيثات المآكل سألوا عما أحلّ لهم منها ، فقيل { أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ } أي ما ليس بخبيث منها ، وهو كل ما لم يأت تحريمه في كتاب أو سنة أو قياس مجتهد . { وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ ٱلْجَوَارِحِ } عطف على الطيبات أي أحلّ لكم الطيبات وصيد ما علمتم فحذف المضاف . أو تجعل ما شرطية ، وجوابها فكلوا والجوارح الكواسب من سباع البهائم والطير ، كالكلب والفهد والنمر والعقاب والصقر والبازي والشاهين . والمكلب مؤدّب الجوارح ومضريها بالصيد لصاحبها ، ورائضها لذلك بما علم من الحيل وطرق التأديب والتثقيف ، واشتقاقه من الكلب ، لأنّ التأديب أكثر ما يكون في الكلاب فاشتقّ من لفظه لكثرته من جنسه . أو لأن السبع يسمى كلباً . ومنه قوله عليه السلام 334 " اللَّهم سلط عليه كلباً من كلابك " فأكله الأسد . أو من الكلب الذي هو بمعنى الضراوة . يقال هو كلب بكذا ، إذا كان ضارياً به . وانتصاب { مُكَلّبِينَ } على الحال من علمتم . فإن قلت ما فائدة هذه الحال وقد استغنى عنها بعلمتم ؟ قلت فائدتها أن يكون من يعلم الجوارح نحريراً في علمه مدرّباً فيه ، موصوفاً بالتكليب . و { تُعَلّمُونَهُنَّ } حال ثانية أو استئناف . وفيه فائدة جليلة ، وهي أن على كلّ آخذ علماً أن لا يأخذهُ إلا من أقتل أهله علماً وأنحرهم دراية وأغوصهم على لطائفه وحقائقه ، وإن احتاج إلى أن يضرب إليه أكباد الإبل ، فكم من آخذ عن غير متقن ، قد ضيع أيامه وعضّ عند لقاء النحارير أنامله { مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ } من علم التكليب ، لأنه إلهام من الله ومكتسب بالعقل . أو مما عرَّفكم أن تعلموه من اتباع الصيد بإرسال صاحبه ، وانزجاره بزجره . وانصرافه بدعائه ، وإمساك الصيد عليه وأن لا يأكل منه . وقرىء « مكلبين » بالتخفيف . وأفعل وفعل يشتركان كثيراً . والإمساك على صاحبه أن لا يأكل منه ، لقوله عليه السلام لعديِّ بن حاتم 335 " وإن أكل منه فلا تأكل إنما أمسك على نفسه " وعن علي رضي الله عنه إذا أكل البازي فلا تأكل . وفرق العلماء ، فاشترطوا في سباع البهائم ترك الأكل لأنها تؤدّب بالضرب ، ولم يشترطوه في سباع الطير . ومنهم من لم يعتبر ترك الأكل أصلاً ولم يفرق بين إمساك الكل والبعض . وعن سلمان ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي هريرة رضي الله عنهم إذا أكل الكلب ثلثيه وبقي ثلثه وذكرت اسم الله عليه فكل . فإن قلت إلام رجع الضمير في قوله { وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } ؟ قلت إمَّا أن يرجع إلى ما أمسكن على معنى وسموا عليه إذا أدركتم ذكاته ، أو إلى ما علمتم من الجوارح . أي سموا عليه عند إرساله .