Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 60-61)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وروي 358 أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود فسألوه عمن يؤمن به من الرسل ؟ فقال " أومن بالله وما أنزل إلينا إلى قوله ونحن له مسلمون " فقالوا حين سمعوا ذكر عيسى عليه السلام ما نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ، ولا ديناً أشرّ من دينكم . فنزلت . وعن نعيم بن ميسرة « وإنّ أكثركم » ، بالكسر . ويحتمل أن ينتصب وأن أكثركم بفعل محذوف يدل عليه هل تنقمون ، أي ولا تنقمون أن أكثركم فاسقون ، أو يرتفع على الابتداء والخبر محذوف ، أي و فسقكم ثابت معلوم عندكم ، لأنكم علمتم أنا على الحق وأنكم على الباطل ، إلا أن حب الرياسة وكسب الأموال لا يدعكم فتنصفوا { ذٰلِكَ } إشارة إلى المنقوم ، ولا بدّ من حذف مضاف قبله ، أو قبل من تقديره بشرّ من أهل ذلك ، أو دين من لعنه الله . و { مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } في محل الرفع على قولك هو من لعنه الله ، كقوله تعالى { قُلْ أَفَأُنَبّئُكُم بِشَرّ مّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ } الحج 72 أو في محل الجرّ على البدل من شرّ . وقرىء « مثوبة » . « ومثوبة » . ومثالهما مشورة ، ومشورة . فإن قلت المثوبة مختصة بالإحسان ، فكيف جاءت في الإساءة ؟ قلت وضعت المثوبة موضع العقوبة على طريقة قوله @ شع تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ @@ ومنه { فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } آل عمران 21 . فإن قلت المعاقبون من الفريقين هم اليهود ، فلم شورك بينهم في العقوبة ؟ قلت كان اليهود - لعنوا - يزعمون أن المسلمين ضالون مستوجبون للعقاب ، فقيل لهم من لعنه الله شرّ عقوبة في الحقيقة واليقين من أهل الإسلام في زعمكم ودعواكم { وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَ } عطف على صلة من كأنه قيل ومن عبد الطاغوت . وفي قراءة أبيّ « وعبدوا الطاغوت » ، على المعنى . وعن ابن مسعود « ومن عبدوا » . وقرىء « وعابد الطاغوت » عطفاً على القردة . « وعابدي » . « وعباد » . « وعبد » . « وعبد » . ومعناه الغلوّ في العبودية ، كقولهم ، رجل حذر وفطن ، للبليغ في الحذر والفطنة . قال @ أَبَنِي لُبَيْنَى إنَّ أُمَّكُم أَمَةٌ وَإنَّ أَبَاكُمُو عَبْدُ @@ وعبد بوزن حطم . وعبيد . وعبد - بضمتين - جمع عبيد وعبدة بوزن كفرة . وعبد ، وأصله عبدة ، فحذفت التاء للإضافة . أو هو كخدم في جمع خادم . وعبد وعباد . وأعبد ، وعبد الطاغوت ، على البناء للمفعول ، وحذف الراجع ، بمعنى وعبد الطاغوت فيهم ، أو بينهم ، وعبد الطاغوت بمعنى صار الطاغوت معبوداً من دون الله ، كقولك أمر إذا صار أميراً . وعبد الطاغوت ، بالجر عطفاً على { مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } . فإن قلت كيف جاز أن يجعل الله منهم عباد الطاغوت ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أنه خذلهم حتى عبدوه . والثاني أنه حكم عليهم بذلك ووصفهم به ، كقوله تعالى { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } الزخرف 19 وقيل الطاغوت العجل لأنه معبود من دون الله ، ولأن عبادتهم للعجل مما زينه لهم الشيطان ، فكانت عبادتهم له عبادة للشيطان وهو الطاغوت . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أطاعوا الكهنة ، وكل من أطاع أحداً في معصية الله فقد عبده . وقرأ الحسن « الطواغيت » . وقيل وجعل منهم القردة أصحاب السبت ، والخنازير كفار أهل مائدة عيسى . وقيل كلا المسخين من أصحاب السبت ، فشبانهم مسخوا قردة ، ومشايخهم مسخوا خنازير . وروي أنها لما نزلت كان المسلمون يعيرون اليهود ويقولون يا أخوة القردة والخنازير فينكسون رءوسهم { أُوْلَـٰئِكَ } الملعونون الممسوخون { شَرٌّ مَّكَاناً } جعلت الشرارة للمكان وهي لأهله . وفيه مبالغة ليست في قولك أولئك شرّ وأضلّ ، لدخوله في باب الكناية التي هي أخت المجاز . نزلت في ناس من اليهود كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهرون له الإيمان نفاقاً ، فأخبره الله تعالى بشأنهم وأنهم يخرجون من مجلسك كما دخلوا ، لم يتعلق بهم شيء مما سمعوا به من تذكيرك بآيات الله ومواعظك . وقوله بالكفر و به حالان ، أي دخلوا كافرين وخرجوا كافرين . وتقديره ملتبسين بالكفر . وكذلك قوله وقد دخلوا وهم قد خرجوا ولذلك دخلت قد تقريباً للماضي في الحال . ولمعنى آخر وهو أن أمارات النفاق كانت لائحة عليهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوقعاً لإظهار الله ما كتموه ، فدخل حرف التوقع وهو متعلق بقوله قالوا آمنا أي قالوا ذلك وهذه حالهم .