Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 41-56)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فِى سَمُومٍ } في حر نار ينفذ في المسام { وَحَمِيمٍ } وماء حار متناه في الحرارة { وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ } من دخان أسود بهيم { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ44 } نفي لصفتي الظل عنه ، يريد أنه ظل ، ولكن لا كسائر الظلال سماه ظلاً ، ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه لمن يأوي إليه من أذى الحر وذلك كرمه ليمحق ما في مدلول الظل من الاسترواح إليه . والمعنى أنه ظلّ حارّ ضارّ إلا أنّ للنفي في نحو هذا شأنا ليس للإثبات . وفيه تهكم بأصحاب المشأمة ، وأنهم لا يستأهلون الظل البارد الكريم الذي هو لأضدادهم في الجنة . وقرىء « لا بارد ولا كريم » بالرفع ، أي لا هو كذلك و { ٱلْحِنثِ } الذنب العظيم . ومنه قولهم بلغ الغلام الحنث ، أي الحلم ووقت المؤاخذة بالمآثم . ومنه حنث في يمينه ، خلاف برّ فيها . ويقال تحنث إذا تأثم وتحرج { أَوَ ءَابَآؤُنَا } دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف . فإن قلت كيف حسن العطف على المضمر في { لَمَبْعُوثُونَ } من غير تأكيد بنحن ؟ قلت حسن للفاصل الذي هو الهمزة ، كما حسن في قوله تعالى { مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا } لفصل لا المؤكدة للنفي . وقرىء « أو آباؤنا » وقرىء « لمجمعون » { إِلَىٰ مِيقَـٰتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم والإضافة بمعنى من ، كخاتم فضة . والميقات ماوقت به الشيء ، أي حدّ . ومنه مواقيت الإحرام وهي الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة إلا محرماً { أَيُّهَا ٱلضَّآلُّونَ } عن الهدى { ٱلْمُكَذِّبُونَ } بالبعث ، وهم أهل مكة ومن في مثل حالهم { مِن شَجَرٍ مّن زَقُّومٍ } من الأولى لابتداء الغاية ، والثانية لبيان الشجر وتفسيره . وأنث ضمير الشجر على المعنى ، وذكره على اللفظ في قوله منها و عليه ومن قرأ « من شجرة من زقوم » فقد جعل الضميرين للشجرة ، وإنما ذكر الثاني على تأويل الزقوم ، لأنه تفسيرها وهي في معناه « شرب الهيم » وقرىء بالحركات الثلاث ، فالفتح والضم مصدران . وعن جعفر الصادق رضي الله عنه أيام أكل وشرب ، بفتح الشين . وأما المكسور فبمعنى المشروب ، أي ما يشربه الهيم وهي الإبل التي بها الهيام ، وهو داء تشرب منه فلا تروى جمع أهيم وهيماء . قال ذو الرمّة @ فَأَصْبَحْتُ كَالْهَيْمَاءِ لاَ المَاءُ مُبْرِدٌ صَدَاهَا وَلاَ يَقْضِي عَلَيْهَا هُيَامُهَا @@ وقيل الهيم الرمال . ووجهه أن يكون جمع الهيام بفتح الهاء وهو الرمل الذي لا يتماسك ، جمع على فعل كسحاب وسحب ، ثم خفف وفعل به ما فعل بجمع أبيض . والمعنى أنه يسلط عليهم من الجوع ما يضطرّهم إلى أكل الزقوم الذي هو كالمهل فإذا ملؤا منه البطون يسلط عليهم من العطش ما يضطرّهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم ، فيشربونه شرب الهيم . فإن قلت كيف صحّ عطف الشاربين على الشاربين ، وهما لذوات متفقة ، وصفتان متفقتان ، فكان عطفاً للشيء على نفسه ؟ قلت ليستا بمتفقتين ، من حيث إنّ كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة وقطع الأمعاء أمر عجيب ، وشربهم له على ذلك كما تشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضاً ، فكانتا صفتين مختلفتين . النزل الرزق الذي يعدّ للنازل تكرماً له . وفيه تهكم ، كما في قوله تعالى { فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } آل عمران 21 وكقول أبي الشعر الضبي . @ وَكُنَّا إِذَا الْجَبَّارُ بِالْجَيْشِ ضَافَنَا جَعَلْنَا الْقَنَا وَالمُرْهِفَاتِ لَهُ نُزْلاَ @@ وقرىء « نزلهم » بالتخفيف .