Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 13-17)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ رَهْبَةً } مصدر رهب المبني للمفعول ، كأنه قيل أشد مرهوبية . وقوله { فِى صُدُورِهِمْ } دلالة على نفاقهم ، يعني أنهم يظهرون لكم في العلانية خوف الله وأنتم أهيب في صدورهم من الله . فإن قلت كأنهم كانوا يرهبون من الله حتى تكون رهبتهم منهم أشدّ . قلت معناه أن رهبتهم في السر منكم أشدّ من رهبتهم من الله التي يظهرونها لكم - وكانو يظهرون لهم رهبة شديدة من الله - ويجوز أن يريد أنّ اليهود يخافونكم في صدورهم أشدّ من خوفهم من الله لأنهم كانوا قوماً أولى بأس ونجدة ، فكانوا يتشجعون لهم مع إضمار الخيفة في صدورهم { لاَّ يَفْقَهُونَ } لا يعلمون الله وعظمته حتى يخشوه حق خشيته { لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ } لا يقدرون على مقاتلتكم { جَمِيعاً } مجتمعين متساندين ، يعني اليهود والمنافقين { إِلاَّ } كائنين { فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } بالخنادق والدروب { أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ } دون أن يصحروا لكم ويبارزوكم ، لقذف الله الرعب في قلوبهم ، وأن تأييد الله تعالى ونصرته معكم . وقرىء « جدر » ، بالتخفيف . وجدار . وجدر وجدر ، وهما الجدار { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } يعني أنّ البأس الشديد الذي يوصفون به إنما هو بينهم إذا اقتتلوا ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس والشدّة لأنّ الشجاع يجبن والعزيز يذل عند محاربة الله ورسوله { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } مجتمعين ذوي ألفة واتحاد { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } متفرقة لا ألفة بينها ، يعني . أنّ بينهم إحنا وعداوات ، فلا يتعاضدون حق التعاضد ، ولا يرمون عن قوس واحدة . وهذا تجسير للمؤمنين وتشجيع لقلوبهم على قتالهم { قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } أن تشتت القلوب مما يوهن قواهم ويعين على أرواحهم { كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي مثلهم كمثل أهل بدر في زمان قريب . فإن قلت بم انتصب { قَرِيبًا } ؟ قلت بمثل ، على كوجود مثل أهل بدر قريباً { ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ } سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، من قولهم كلأ وبيل وخيم سيء العاقبة ، يعني ذاقوا عذاب القتل في الدنيا { وَلَهُمْ } في الآخرة عذاب النار . مثل المنافقين في إغرائهم اليهود على القتال ووعدهم إياهم النصر ، ثم متاركتهم لهم وإخلافهم { كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } إذا استغوى الإنسان بكيده ثم تبرأ منه في العاقبة ، والمراد استغواؤه قريشاً يوم بدر وقوله لهم { لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ } إلى قوله { إِنِّى بَرِىۤءٌ مِّنكَ } الأنفال 48 وقرأ ابن مسعود « خالدان فيها » ، على أنه خبر أنّ ، و { فِى ٱلنَّارِ } لغو ، وعلى القراءة المشهورة الظرف مستقر ، وخالدين فيها حال . وقرىء « أنا بريء » وعاقبتهما بالرفع .