Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 10-16)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حَلاَّفٍ } كثير الحلف في الحق والباطل ، وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف . ومثله قوله تعالى { وَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةًلأيْمَـٰنِكُمْ } البقرة 224 . { مُّهِينٍ } من المهانة وهي القلة والحقارة ، يريد القلة في الرأي والتمييز . أو أراد الكذاب لأنه حقير عند الناس { هَمَّازٍ } عياب طعان . وعن الحسن . يلوى شدقيه في أقفية الناس { مَّشَّاء بِنَمِيمٍ } مضرب نقال للحديث من قوم إلى قوم على وجه السعاية والإفساد بينهم . والنميم والنميمة السعاية ، وأنشدني بعض العرب @ تَشَبَّبِي تَشَبُّبَ النَّمِيمَهْ تَمْشِي بِهَا زَهْرَا إِلَى تَمِيمَهْ @@ { مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ } بخيل . والخير المال . أو مناع أهه الخير وهو الإسلام ، فذكر الممنوع منه دون الممنوع ، كأنه قال مناع من الخير . قيل هو الوليد بن المغيرة المخزومي كان موسراً ، وكان له عشرة من البنين ، فكان يقول لهم وللحمته من أسلم منكم منعته رفدي عن ابن عباس . وعنه أنه أبو جهل . وعن مجاهد الأسود بن عبد يغوث . وعن السدي الأخنس بن شريق ، أصله في ثقيف وعداده في زهرة ، ولذلك قيل زنيم { مُعْتَدٍ } مجاوز في الظلم حده { أَثِيمٍ } كثير الآثام { عُتُلٍّ } غليظ جاف ، من عتله إذا قاده بعنف وغلظة { بَعْدَ ذَلِكَ } بعدما عدّ له من المثالب والنقائص { زَنِيمٍ } دعي . قال حسان @ وَأنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ فِي ءَالِ هَاشِم كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ @@ وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم ، ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة من مولده . وقيل بغت أمّه ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية ، جعل جفاءه ودعوته أشد معايبه ، لأنه إذا جفا وغلظ طبعه قسا قلبه واجترأ على كل معصية ، ولأن الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الناشىء منها . ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 1218 " لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولده ولا ولد ولده " و { بَعْدَ ذَلِكَ } نظير ثم في قوله { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } البلد 17 وقرأ الحسن « عتل » رفعاً على الذم وهذه القراءة تقوية لما يدل عليه بعد ذلك . والزنيم من الزنمة وهي الهنة من جلد الماعزة تقطع فتخلى معلقة في حلقها ، لأنه زيادة معلقة بغير أهله { أَن كَانَ ذَا مَالٍ } متعلق بقوله { وَلاَ تُطِعْ } يعني ولا تطعه مع هذه المثالب ، لأن كل ذا مال . أي ليساره وحظه من الدنيا . ويجوز أن يتعلق بما بعده على معنى لكونه متمولاً مستظهراً بالبنين كذب آياتنا ولا يعمل فيه { قَالَ } الذي هو جواب إذا ، لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله ، ولكن ما دلت عليه الجملة من معنى التكذيب . وقرىء « أأن كان » ؟ على الاستفهام على إلا لأن كان ذا مال وبنين ، كذب . أو أتطيعه لأن كان ذا مال . وروى الزبيري عن نافع إن كان ، بالكسر والشرط للمخاطب ، أي لا تطع كل حلاف شارطاً يساره ، لأنه إذا أطاع الكافر لغناه فكأنه اشترط في الطاعة الغنى ، ونحو صرف الشرط إلى المخاطب صرف الترجي إليه في قوله تعالى { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ } طه 44 الوجه أكرم موضع في الجسد ، والأنف أكرم موضع من الوجه لتقدمه له ، ولذلك جعلوه مكان العز والحمية ، واشتقوا منه الأنفة . وقالوا الأنف في الأنف ، وحمى أنفه ، وفلان شامخ العرنين . وقالوا في الذليل جدع أنفه ، ورغم أنفه ، فعبر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة ، لأن السمة على الوجه شين وإذالة ، فكيف بها على أكرم موضع منه ، ولقد 1219 وسم العباس أباعره في وجوهها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكرموا الوجوه " فوسمها في جواعرها وفي لفظ « الخرطوم » استخفاف به واستهانة . وقيل معناه سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يبين بها عن سائر الكفرة ، كما عادى رسول االله صلى الله عليه وسلم عداوة بأن بها عنهم . وقيل خطم يوم بدر بالسيف فبقيت سمة على خرطومه . وقيل سنشهره بهذه الشتيمة في الدارين جميعاً ، فلا تخفى ، كما لا تخفى السمة على الخرطوم . وعن النضر بن شميل أن الخرطوم الخمر ، وأن معناه سنحده على شربها وهو تعسف . وقيل للخمر الخرطوم ، كما قيل لها السلافة . وهي ما سلف من عصير العنب . أو لأنها تطير في الخياشيم .