Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 115-122)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تخييرهم إياه أدب حسن راعوه معه ، كما يفعل أهل الصناعات إذا التقوا كالمتناظرين ، قبل أن يتخاوضوا في الجدال ، والمتصارعين قبل أن يتآخذوا للصراع . وقولهم { وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ } فيه ما يدلّ على رغبتهم في أن يلقوا قبله من تأكيد ضميرهم المتصل بالمنفصل وتعريف الخبر ، أو تعريف الخبر وإقحام الفصل ، وقد سوّغ لهم موسى ما تراغبوا فيه ازدراء لشأنهم ، وقلة مبالاة بهم . وثقة بما كان بصدده من التأييد السماوي ، وأن المعجزة لن يغلبها سحر أبداً { سَحَرُواْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ } أروها بالحيل والشعوذة وخيلوا إليها ما الحقيقة بخلافه ، كقوله تعالى { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } طه 66 . روي أنهم ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً ، فإذا هي أمثال الحيات ، قد ملأت الأرض وركب بعضها بعضاً { وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ } وأرهبوهم إرهاباً شديداً ، كأنهم استدعوا رهبتهم { بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } في باب السحر . روي أنهم لونوا حبالهم وخشبهم وجعلوا فيها ما يوهم الحركة . قيل جعلوا فيها الزئبق { مَا يَأْفِكُونَ } ما موصولة أو مصدرية ، بمعنى ما يأفكونه أي يقلبونه عن الحق إلى الباطل ويزوّرونه تسمية للمأفوك بالإفك روي أنها لما تلقفت ملىء الوادي من الخشب والحبال رفعها موسى . أوإفكهم فرجعت عصى كما كانت ، وأعدم الله بقدرته تلك الأجرام العظيمة أو فرّقها أجزاء لطيفة قالت للسحرة لو كان هذا سحراً لبقيت حبالنا وعصينا { فَوَقَعَ ٱلْحَقُّ } فحصل وثبت . ومن بدع التفاسير فوقع قلوبهم ، أي فأثر فيها من قولهم . قاس وقيع { وَٱنقَلَبُواْ صَـٰغِرِينَ } وصاروا أذلاء مبهوتين { وَأُلْقِىَ ٱلسَّحَرَةُ } وخرّوا سجداً كأنما ألقاهم ملق لشدّة خرورهم . وقيل لم يتمالكوا مما رأوا ، فكأنهم ألقوا . وعن قتادة كانوا أول النهار كفاراً سحرة وفي آخره شهداء بررة . وعن الحسن تراه ولد في الإسلام ونشأ بين المسلمين يبيع دينه بكذا ، وكذا ، وهؤلاء كفار نشأوا في الكفر ، بذلوا أنفسهم لله .