Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 148-149)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مِن بَعْدِهِ } من بعد فراقه إياهم إلى الطور ، فإن قلت لم قيل واتخذ قوم موسى عجلاً ، والمتخذ هو السامري ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أن ينسب الفعل إليهم ، لأن رجلاً منهم باشره ووجد فيما بين ظهرانيهم ، كما يقال بنو تميم قالوا كذا وفعلوا كذا ، والقائل والفاعل واحد ، ولأنهم كانوا مريدين لاتخاذه راضين به ، فكأنهم أجمعوا عليه . والثاني أن يراد واتخذوه إلٰهاً وعبدوه . وقرىء « من حليهم » بضم الحاء والتشديد ، جمع حلي ، كثدي وثديّ ، ومن حليهم - بالكسر - للإتباع كدلى . ومن حليهم ، على التوحيد ، والحلي اسم لما يتحسن به من الذهب والفضة . فإن قلت لم قال من حليهم ، ولم يكن الحليّ لهم ، إنما كانت عوارى في أيديهم ؟ قلت الإضافة تكون بأدنى ملابسة ، وكونها عوارى في أيديهم كفى به ملابسة على أنهم قد ملكوها بعد المهلكين كما ملكوا غيرها من أملاكهم . ألا ترى إلى قوله عزّ وعلا { فَأَخْرَجْنَـٰهُمْ مّن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا بَنِى إِسْرٰءيلَ } الشعراء 57 - 59 ، { جَسَداً } بدناً ذا لحم ودم كسائر الأجساد . والخوار صوت البقر ، قال الحسن إنّ السامري قبض قبضة من تراب من أثر فرس جبريل عليه السلام يوم قطع البحر ، فقذفه في فيِّ العجل ، فكان عجلاً له خوار . وقرأ علي رضي الله عنه « جؤار » بالجيم والهمزة ، ومن جأر إذا صاح . وانتصاب جسداً على البدل من { عِجْلاً } { أَلَمْ يَرَوْاْ } حين اتخذوه إلٰهاً أنه لا يقدر على كلام ولا على هداية سبيل ، حتى لا يختاروه على من لو كان البحر مداداً لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد كلماته ، وهو الذي هدى الخلق إلى سبل الحقّ ومناهجه بما ركز في العقول من الأدلة ، وبما أنزل في كتبه . ثم ابتدأ فقال { ٱتَّخَذُوهُ } أي أقدموا على ما أقدموا عليه من الأمر المنكر { وَكَانُواْ ظَـٰلِمِينَ } واضعين كل شيء في غير موضعه ، فلم يكن اتخاذ العجل بدعاً منهم ، ولا أوّل مناكيرهم { وَلَمَّا سُقِطَ فَى أَيْدِيهِمْ } ولما اشتدّ ندمهم وحسرتهم على عبادة العجل ، لأنّ من شأن من اشتدّ ندمه وحسرته أن يعض يده غماً ، فتصير يده مسقوطاً فيها ، لأن فاه قد وقع فيها . و { سُقِطَ } مسند إلى { فَى أَيْدِيهِمْ } وهو من باب الكناية . وقرأ أبو السميفع « سقط في أيديهم » ، على تسمية الفاعل ، أي وقع العض فيها ، وقال الزجاج معناه سقط الندم في أيديهم ، أي في قلوبهم وأنفسهم ، كما يقال حصل في يده مكروه ، وإن كان محالاً أن يكون في اليد ، تشبيهاً لما يحصل في القلب وفي النفس ، بما يحصل في اليد ويرى بالعين { وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ } وتبينوا ضلالهم تبيناً كأنهم أبصروه بعيونهم . وقرىء « لئن لم ترحمنا ربنا وتغفر لنا » ، بالتاء . وربنا ، بالنصب على النداء ، وهذا كلام التائبين ، كما قال آدم وحواء عليهما السلام وإن لم تغفر لنا وترحمنا .