Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 71, Ayat: 21-24)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱتَّبِعُـواْ } رؤسهم المقدمين أصحاب الأموال والأولاد ، وارتسموا ما رسموا لهم من التمسك بعبادة الأصنام ، وجعل أموالهم وأولادهم التي لم تزدهم إلا وجاهة ومنفعة في الدنيا زائدة { خَسَارًا } في الآخرة ، وأجرى ذلك مجرى صفة لازمة لهم وسمة يعرفون بها ، تحقيقاً له وتثبيتاً ، وإبطالاً لما سواه . وقرىء « وولده » بضم الواو وكسرها { وَمَكَرُواْ } معطوف على لم يزده ، وجمع الضمير وهو راجع إلى من لأنه في معنى الجمع والماكرون هم الرؤساء ومكرهم احتيالهم في الدين وكيدهم لنوح ، وتحريش الناس على أذاه ، وصدّهم عن الميل إليه والاستماع منه . وقولهم لهم لانذرنّ آلهتكم إلى عبادة رب نوح { مَكْراً كُبَّاراً } قرىء بالتخفيف والتثقيل . والكبار كبر من الكبير والكبار أكبر من الكبار ، ونحوه طوال وطوّال { وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً } كأن هذه المسميات كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم ، فخصوها بعد قولهم { لاَ تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ } وقد انتقلت هذه الأصنام عن قوم نوح إلى العرب ، فكان ودّ لكلب ، وسواع لهمذان ، ويغوث لمذحج ، ويعوق لمراد ، ونسر لحمير ولذلك سمت العرب بعبد ودّ وعبد يغوث ، وقيل هي أسماء رجال صالحين . وقيل من أولاد آدم ماتوا ، فقال إبليس لمن بعدهم لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم ، ففعلوا فلما مات أولئك قال لمن بعدهم إنهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم . وقيل كان ودّ على صورة رجل ، وسواع على صورة امرأة ، ويغوث على صورة أسد ، ويعوق على صورة فرس ، ونسر على صورة نسر . وقرىء « ودّا » بضم الواو . وقرأ الأعمش « ولا يغوثا ويعوقا » بالصرف ، وهذه قراءة مشكلة ، لأنهما إن كانا عربيين أو عجميين ففيهما سببا منع الصرف إما التعريف ووزن الفعل ، وإما التعريف والعجمة ولعله قصد الازدواج فصرفهما ، لمصادفته أخواتهما منصرفات ودا وسواعاً ونسراً ، كما قرىء « وضحاها » بالإمالة ، لوقوعه مع الممالات للازدواج { وَقَدْ أَضَلُّواْ } الضمير للرؤساء . ومعناه وقد أضلوا { كَثِيراً } قبل هؤلاء الموصين بأن يتمسكوا بعبادة الأصنام ليسوا بأوّل من أضلوهم . أو وقد أضلوا بإضلالهم كثيراً ، يعني أنّ هؤلاء المضلين فيهم كثرة . ويجوز أن يكون للأصنام ، كقوله تعالى { إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ ٱلنَّاسِ } إبراهيم 36 . فإن قلت علام عطف قوله { وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } ؟ قلت على قوله { رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى } على حكاية كلام نوح عليه السلام بعد { قَالَ } وبعد الواو النائبة عنه ومعناه قال رب إنهم عصوني ، وقال لا تزد الظالمين إلا ضلالاً ، أي قال هذين القولين وهما في محل النصب ، لأنهما مفعولا « قال » كقولك قال زيد نودي للصلاة وصل في المسجد تحكى قوليه معطوفاً أحدهما على صاحبه . فإن قلت كيف جاز أن يريد لهم الضلال ويدعو الله بزيادته ؟ قلت المراد بالضلال أن يخذلوا ويمنعوا الألطاف ، لتصميمهم على الكفر ووقوع اليأس من إيمانهم ، وذلك حسن جميل يجوز الدعاء به ، بل لا يحسنَ الدعاء بخلافه . ويجوز أن يريد بالضلال الضياع والهلاك ، لقوله تعالى { وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً } نوح 28 .