Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 80, Ayat: 24-32)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما عدد النعم في نفسه أتبعه ذكر النعم فيما يحتاج إليه ، فقال { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِ 24 } إلى مطعمه الذي يعيش به كيف دبرنا أمره « أنا صببنا الماء » يعني الغيث . قرىء بالكسر على الاستئناف ، وبالفتح على البدل من الطعام ، وقرأ الحسين بن علي رضي اللَّه عنهما « أنى صببنا » بالإمالة على معنى فلينظر الإنسان كيف صببنا الماء . وشققنا من شق الأرض بالنبات ويجوز أن يكون من شقها بالكراب على البقر وأسند الشق إلى نفسه إسناد الفعل إلى السبب . والحب كل ما حصد من نحو الحنطة والشعير وغيرهما . والقضب الرطبة والمقضاب أرضه ، سمي بمصدر قضبه إذا قطعه لأنه يقضب مرَّة بعد مرّة { وَحَدَآئِقَ غُلْباً30 } يحتمل أن يجعل كل حديقة غلباء ، فيريد تكاثفها وكثرة أشجارها وعظمها ، كما تقول حديقة ضخمة ، وأن يجعل شجرها غلباً ، أي عظاماً غلاظاً . والأصل في الوصف بالغلب الرقاب فاستعير . قال عمرو بن معد يكرب @ يَمْشي بِهَا غُلْبُ الرِّقَابِ كَأَنَّهُمْ بُزْلٌ كُسِينَ مِنَ الْكُحَيْلِ جِلاَلاً @@ والأب المرعى ، لأنه يؤبّ أي يؤم وينتجع . والأبّ والأمّ أخوان قال @ جِذْمُنَا قَيْسٌ وَنَجْدٌ دَارُنَا وَلَنَا الأبُّ بِهِ وَالْمَكَرَعُ @@ وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن الأبّ فقال أيّ سماء تظلني ، وأيّ أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به . وعن عمر رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية فقال كل هذا قد عرفنا ، فما الأب ؟ ثم رفض عصاً كانت بيده وقال هذا لعمر الله التكلف ، وما عليك يا ابن أمّ عمر أن لا تدري ما الأب ، ثم قال اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ، وما لا فدعوه فإن قلت فهذا يشبه النهي عن تتبع معاني القرآن والبحث عن مشكلاته . قلت لم يذهب إلى ذلك ، ولكن القوم كانت أكبر همتهم عاكفة على العمل ، وكان التشاغل بشيء من العلم لا يعمل به تكلفاً عندهم فأراد أنّ الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطعمه واستدعاء شكره ، وقد علم من فحوى الآية أنّ الأب بعض ما أنبته الله للإنسان متاعاً له أو لإنعامه فعليك بما هو أهم من النهوض بالشكر لله - على ما تبين لك ولم يشكل - مما عدّد من نعمه ، ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأب ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له ، واكتف بالمعرفة الجميلة إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت ، ثم وصى الناس بأن يجروا على هذا السنن فيما أشبه ذلك من مشكلات القرآن .