Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 6-14)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قيل لعقب عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عاد ، كما يقال لبني هاشم هاشم . ثم قيل للأوّلين منهم عاد الأولى وإرم ، تسمية لهم باسم جدّهم ، ولمن بعدهم عاد الأخيرة . قال ابن الرقيات @ مَجْداً تَلِيداً بَنَاهُ أَوَّلُهُ أَدْرَكَ عَاداً وَقَبْلَهَا إرَمَا @@ فإرم في قوله { بعاد إرَمَ } عطف بيان لعاد ، وإيذان بأنهم عاد الأولى القديمة . وقيل { إِرَمَ } بلدتهم وأرضهم التي كانوا فيها ويدل عليه قراءة ابن الزبير « بعاد إرم » على الإضافة وتقديره بعاد أهل إرم ، كقوله { وَٱسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } يوسف 82 ، ولم تنصرف قبيلة كانت أو أرضاً للتعريف والتأنيث . وقرأ الحسن « بعاد أرم » ، مفتوحتين . وقرىء « بعاد إرم » بسكون الراء على التخفيف ، كما قرىء « بورقكم » وقرىء « بعاد إرم ذات العماد » بإضافة إرم إلى ذات العماد . والإرم العلم ، يعني بعاد أهل أعلام ذات العماد . و { ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } اسم المدينة وقرىء « بعاد إرمّ ذات العماد » أي جعل الله ذات العماد رميماً بدلاً من فعل ربك وذات العماد إذا كانت صفة للقبيلة ، فالمعنى أنهم كانوا بدويين أهل عمد ، أو طوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة ومنه قولهم رجل معمد وعمدان إذا كان طويلاً . وقيل ذات البناء الرفيع ، وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى أنها ذات أساطين . وروي أنه كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا ، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد ، فملك الدنيا ودانت له ملوكها ، فسمع بذكر الجنة فقال أبني مثلها ، فبني إرم في بعض صحاري عدن في ثلثمائة سنة ، وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة ، وأساطينها من الزبرجد والياقوت . وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا . وعن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له ، فوقع عليها ، فحمل ما قدر عليه مما ثم ، وبلغ خبره معاوية فاستحضره ، فقص عليه ، فبعث إلى كعب فسأله فقال هي إرم ذات العماد ، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال ، يخرج في طلب إبل له ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال هذا والله ذلك الرجل { لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا } مثل عاد { فِى ٱلْبِلَـٰدِ } عظم أجرام وقوّة ، كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع ، وكان يأتي الصخرة العظيمة فيحملها فيلقيها على الحي فيهلكهم ، أو لم يخلق مثل مدينة شدّاد في جميع بلاد الدنيا . وقرأ ابن الزبير « لم يخلق ملثها » ، أي لم يخلق الله مثلها { جَابُواْ ٱلصَّخْرَ } قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتاً ، كقوله { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً } الشعراء 149 قيل أول من نحت الجبال والصخور والرخام ثمود ، وبنوا ألفاً وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة . قيل له ذو الأوتاد ، لكثرة جنوده ومضاربهم التي كانوا يضربونها إذا نزلوا ، أو لتعذيبه بالأوتاد ، كما فعل بماشطة بنته وبآسية { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ } أحسن الوجوه فيه أن يكون في محل النصب على الذم . ويجوز أن يكون مرفوعاً على هم الذين طغوا أو مجروراً على وصف المذكورين عاد وثمود وفرعون يقال صب عليه السوط وغشاه وقنعه ، وذكر السوط إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعدّلهم في الآخرة ، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به . وعن عمرو بن عبيد كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال إن عند الله أسواطاً كثيرة ، فأخذهم بسوط منها . المرصاد المكان الذي يترتب فيه الرصد « مفعال » من رصده . كالميقات من وقته . وهذامثل لإرصاده العصاة بالعقاب وأنهم لا يفوتونه . وعن بعض العرب أنه قيل له أين ربك ؟ فقال بالمرصاد . وعن عمرو بن عبيد رحمه الله أنه قرأ هذه السورة عند بعض الظلمة حتى بلغ هذه الآية فقال إنّ ربك لبالمرصاد يا فلان ، عرّض له في هذا النداء بأنه بعض من توعد بذلك من الجبابرة ، فالله درّه أيُّ أسد فرّاس كان بين ثوبيه ، يدق الظلمة بإنكاره ، ويقصع أهل الأهواء والبدع باحتجاجه .