Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 1, Ayat: 5-5)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } . إن قلت : لِمَ قدمت العبادة على الاستعانة مع أن الاستعانة سبب فيها ؟ أجاب الزمخشري : بأن العبادة وسيلة والاستعانة مقصد فقدمت الوسيلة قبل ( الحاجة ) . قال ابن عرفة : بل الصواب العكس ( فالعبادة ) هي المقصد . قال : وكان يمشي لنا الجواب عن ذلك بأن هذا أقرب لكمال الافتقار وخلوص النية فإنّ المكلف إذا ( أَقَرّ أوّلا بأن لاَ قُدْرة ) له على الفعل إلا بالله ، ثم فعل العبادة فإنّه قد تحول نيته بعد ذلك ( وتزهو نفسه ) ويتوهّم أن الفعل الواقع منه بقدرته استقلالا ، فإذا أقر بعد الفعل بأن الاستعانة له عليه إلا بالله كان ( نفيا ) للتهمة وأقرب لمقام التذلّل والخضوع . قلت : وقال بعض الناس العبادة مقصد باعتبار الحكم الشرعي والاستعانة مقصد باعتبار نية المكلف في طلبه لأنه ( أخبر ) أنه إنما يعبد الله لا غيره ، ثم أخبر أنه لا يستعين على تلك العبادة إلا بالله . قلت : وأجاب القاضي العماد ( عن ) السؤال بثلاثة أوجه : - الأول : طلب المعونة من الله لا يكون إلا بعد معرفته ومعرفته هو التوحيد ( وهي ) العبادة . - الثاني : يحتمل أن ترجع ( العبادة ) لتوحيد الله والاستعانة طلب معونته على حوائج الدنيا والآخرة وأول السورة في توحيد الله تعالى وآخرها للعبد كما في حديثه : … " قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين " . قدم العبادة ليكون ما هو لله بإزاء ما هو لله ، وما هو للعبد بإزاء ما هو للعبد . - الثالث : طلب المعونة عبادة خاصة وإياك نعبد عامة ، والعام مقدم على الخاص .