Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 159-159)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا … } قال ابن عرفة : من الناس من ينظر وجه المناسبة بين الآية وما قبلها كابن الخطيب ، ومنهم من لا يلتزمه في كل آية كالزمخشري وابن عطية ، ومنهم من يمنع النظر في ذلك ويحرمه لئلا يعتقد أنّ المناسبة من إعجاز القرآن فإذا لم تظهر المناسبة فقد يدرك الناظر وهن في دينه وخلل في معتقده . ابن عرفة : ووجه المناسبة هنا أنه لما تقدم الإخبار بحكم شرعي عقبه ببيان عقوبة العالم إذا كتم علمه . ابن عطية : والمراد بـ { ٱلَّذِين } أحبار اليهود ورهبان النصارى الذين يكتمون أمر محمد ويتناول من علم علماً من دين الله محتاجا إلى بثه وكتمه . قال صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار " وهذا إذا لم يخف ضررا في بثه . قال ابن عرفة : ولا يحل للعالم أن يذكر للظالم تأويلا أو رخصة يتمادى منها إلى مفسدة كمن يذكر للظالم ما قال الغزالي في الإحياء من أن يبث المال إذا ضعف و اضطر السلطان إلى ما يجهز به الجيش ويدفع ( به ) الضرر عن المسلمين فلا بأس أن يوظّف على الناس العشر أو غيره لإقامة الجيش وسد الخلة . قال ابن عرفة : وذكر هذا مما يحدث ضررا ( فادحا ) في الإسلام . قال ابن عرفة : والبينات إما الأدلة ، والهدى نتائجها ، أو العكس . ويحتمل أن يكون البينات هو الأدلة الشرعية السمعية والهدى الدليل العقلي أو العكس . قال ابن عرفة : وقع هذا الوعيد في هذه الآية مشوبا بالرجاء لقوله : { تَكْتُمُونَ } بلفظ المستقبل ولم يقل كتموا بالماضي ( تنبيها على أن ما وقع منهم قبل ذلك معفو عنه لا يتناوله هذا الوعيد ) . ثم أكد هذا الرجاء برجاء آخر وهو أن الكتم الصادر منهم في المستقبل إنما يعاقبون عليه مع الإصرار عليه والمداومة لقوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } . قال ابن عرفة : وكرر لفظ { يَلعَنُهُمُ } لوجهين : إما تشريفا لله بذكره وحده إشعارا بالتفاوت الذي بينه وبين ( اللاّعنين ) ، وإما تنبيها على أن لعنة الله تعالى أشد من لعنة ( اللاّعنين ) فهو إما للتفاوت بين اللّعنين ، وهذا كما قال ابن التلمساني في المسألة الثامنة من الباب الأول في حديث الخطيب القائل : " من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى " . وتقدم جواب القرافي وعز الدين بن عبد السلام فيه . قال ابن عرفة : وفي الآية عندهم حجة ( للعمل ) بالإجماع السّكوتي لأن المجتهد إذا بلغه مذهب غيره في المسألة النازلة فإمّا أن يظهر له موافقته أو مخالفته فإن وافقه فهو المطلوب ، وإن ظهر له مخالفته وسكت بطل العمل بقوله لأنه عاص ( في كتمه ) العلم . فإن قلت : تبقى منهم ثالث وهو أن لايظهر ( له ) في الحال موافقة ولا مخافة . قلنا : لا يكون إذ ذاك مجتهدا . وقال القرطبي : فيها حجة ( لوجوب ) العمل بخبر الواحد قال : لأنه لا يجب عليه ( البيان ) إلا بعد قبول قوله وقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ } فحكم بوقوع البيان بخبرهم ورده ابن عرفة بأن أول احتجاحه على العمل والكلام في كتم العلم وفرق بين العمل بخبر الواحد وبين العلم به .