Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 198-198)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ … } . سبب نزول هذه الآية أَنَّهم كانوا يتوهمون أن سفر الحاج إذا خالطته نية التجارة ينقص من ثوابه أو يوقع في الإثم ، فنزلت الآية . وقوله " مِّن رَّبِّكُمْ " دليل على أنّ المراد التجارة بالمال الحلال أما الحرام فلا . قيل لابن عرفة : كله من الله ؟ فقال : أما باعتبار القدرة فنعم ، وأمّا باعتبار الإذن فلا ، والآية خرجت مخرج الإذن ورفع الحرج . ابن عطية : الجناح أعم من الإثم لأنه فيما يقتضي العقاب وفيما يقتضي العقاب والزجر . قال ابن عرفة : والنفي بـ ( ليس ) لما يتوهم وقوعه والإثم كان متوهما وقوعه في سفر الحج للتجارة بخلاف النفي بـ ( لا ) . حسبما ذكره المنطقيون في السالبة والمعدومة ، مثل : الحائط لا يبصر ، وزيد ليس يبصر ، أو غير بصير . قوله تعالى : { فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ … } . ذكر الزمخشري هنا أنّ التاء في ( بنت ) ليست للتأنيث . قال ابن عرفة : يقال له بل للتأنيث لأن المذكر " ابن " والمؤنث " بنت " وعادتهم يجيبون بأن تاء التأنيث لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا كفاطمة . أبو حيان : منهم من قال : العامل في " إذا " " فَاذْكُرُوا " قال ( وأخذ ) من الآية أن جواب " إذَا " لا يعمل فيها لأن مكان إنشاء الإفاضة غير مكان الذكر فإذا اختلف المكان لزم منه ضرورة اختلاف الزمانين فلا يجوز أن يكون الذكر عند المشعر الحرام واقعا عند إنشاء الإفاضة . قيل لابن عرفة : نقول : إنه يذكر الله تعالى عند آخر أزمنة انفصاله من عرفات إلى المشعر الحرام ، فقال : هذا صحيح لو لم يكن بين المكانين فاصل ، وإنما الجواب الذي عادتهم يقولونه : إنّك تقول إذا قدم زيد من سفره فاكرمه بعد قدومه بيوم ، فالعامل في " إذا " هو أكرمه مع اختلاف الزمان . قال : عادتهم يقولون : ليس العامل في إذا أكرمته بذاته ، بل لاستلزامه معنى فعل آخر يصح عمله تقديره : إذا قدم زيد فاعلم أنّكَ مكلف بإكرامه بعد قدومه بيوم ، وكذلك ( تفهَم ) هذه الآية فلا يتم لأبي حيان الرد بهما على من يقول العامل في " إذا " جوابُها . قوله تعالى : { وَٱذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ … } . الأول : ذكرُ الحَجّ ، والثاني : ذِكْرٌ مُطْلَقٌ ، فهو تأسيس لا تأكيد وقوله : " كَمَا هَدَاكُمْ " الكاف إمّا للتعليل مثل : { وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللهُ إِلَيْكَ } قوله تعالى : { وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلضَّآلِّينَ … } . قال ابن عرفة : إن قلت هذا تأكيد لأن الهداية تستلزم تقدم الضّلال لها . فالجواب أنّه إنما ( كان ) يكون تأكيدا ( أن ) لو قيل : وَإِن كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ ضَالِّينَ . وهذا أخص لأن قولك : زيد من الصالحين أخصّ من قولك : زيد صالح . قاله الزمخشري في قول الله تعالى { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ }