Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 208-208)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً } . أجاز ابن عطية أن يكون " كافة " حالا من فاعل " ادخلوا " أو من " السِّلم " كقول الله تعالى { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ } " فتحمله " ( حال ) من فاعل " أتت " ومن قوله " به " . قال أبو حيان ، واعترض بأنه لا يصح إلاّ إذا جعلت صاحبي الحال مبتدأين والحال خبر عنهما كقول الشاعر : @ وعلقت سلمى وهي ذات موصد ولم يبد للأتراب من ثديها حجم صغيرين نرعى البهم ياليت أننا إلى اليوم لم نكبر ولم يكبر البهم @@ فيصح : أنا وسلمى صغيران وقال امرؤ القيس : @ خرجت بها نمشي تجر وراءنا على إثرنا أذيال مرط مرجل @@ لأنه لا يصح : أنا وهي نمشي ولا يصح أن يقال : هو وهي تحمله . فقال ابن عرفة : يصح حمله على الوجه الذي صح إتيانه حالا منهما تقول : هي تحمله وهو محمول كما ( يفهم ) في الحال منهما مجموعة . قلت : وتعقب ابن القصار هذا بأنّهما كما جمعا في حال واحدة كذلك يجمعان في خبر واحد فيمتنع الجمع في تلك ، ويصح هنا أي أنتم والسلم مجتمعون لكن يبطل من جهة أن المقدر خبر أو " ادخلوا في السلم " أمر والأمر لا يقدر بالخبر . فإن قلت : المعنى أنتم والسلم مطلوبان بالاجتماع ؟ ( قلنا لم يخبر ) عنهما بالحال بل بلازمها . ابن القصار : ولا أعلم من شرط هذا إلا أبا حيان بل إنما اشترطوا اتحاد العلم في صاحب الحال مثل ما تقدم ، وكقول عنترة العبسي في عمارة بن زياد العبسي ، كان يتوعده عنترة بالقول : " متى تأتني فردين … " وقوله { ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ } أي دوموا على الدخول . قوله تعالى : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ … } . احتجّ ابن الخطيب بها على أنّ الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده إذ لو كان كذلك لما كان لقوله " ولاَ تَتَّبِعُوا " فائدة . قال ابن عرفة : إنما يتمّ له هذا ( على ) القول بأن الأمر للتكرار مع أنّ الصحيح أنّه مطلق يخرج المأمور من العهدة بالمرة الواحدة والنّهي يقتضي الانتهاء دائما ففيه زيادة فائدة لم تكن في الأمر . قال ابن عرفة : والاتباع في الاصطلاح كما قال الفخر الرازي في المعالم : أن يفعل فعل المتبوع ( لأجل ) أنه فعله . قيل لابن عرفة : هذا فعل في سياق النفي فهو عام في جميع وجوه الاتباع ؟ فقال : إنما يعم في مسمى الاتباع فقط كقولك : لا عين عندي . إنما يعم في مسمى العين الذي حملته عليه وهو المال مثلا أو غيره . قوله تعالى : { خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ … } . أبو حيان عن ابن أبي مريم صاحب الموضح : سكنت تخفيفا عن ضم مقدر منوي إذ هي حركة فارقة بين الاسم والصفة كما في جمع " فعلة " المفتوحة الفاء . قال ابن عرفة : إنّما يكون الفرق باللّفظ لا ( بالنّية ) . فرد عليه بمثل ذلك بوجهين للمفرد والجمع ( بالنية ) . فقال : قد ذكروا في ذلك أنّ حركته صغيرة بالنّسبة إلى حركة أخرى ولم يجعلوا ( للنّية ) فرقا . قيل لابن عرفة : قد فرق المنطقيون بين العدول والتحصيل ( بالنية ) . فقال : المراد منهما أنّ الحركة منوي بها ذلك من أول ، وهنا ليس كذلك .