Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 33-33)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ … } قال ابن عرفة : إذا قدّم النداء على الأمر فيكون المراد تنبيه المخاطب واستحضار ذهنه لما يلقى إليه ، وإن قدم الأمر على النداء كان ذلك دليلا على تأكيد طلبه وأنه هو ( الاسم ) ( المقصود ) كما ورد في الحديث الصحيح " في غزوة بدر لما برز من صف المشركين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وطلبوا أن يكون المباشر ( لهم ) بالقتال مثلهم من بني عمّهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قم يا حمزة ، قم يا علي ، قم يا عبيدة بن الحارث وكذلك في حديث الأنصار حيث قام منهم خطيب فقال النّبي صلى الله عليه وسلم : " قل ( يا أباحية ) " . قوله تعالى : { فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ … } ( فإن قلت : هلاّ قيل : فأنبأهم بأسمائهم . فقال : { أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ } الآية ؟ قلت : الجواب ما قال بعضهم : من أن حكمته الإشعار بترتيب المجازات على الفعل ( فيؤخذ ) منه جواز ( الثناء ) على الإنسان بما فيه من المحاسن لكن في غيبته لئلا يقع ( في نفسه ) كبر وعجب وإن كان ( الإنسان ) هنا سالما من ذلك . قال الطيبي : ويؤخذ من الآية أن علم اللغَة والحِكْمة أفضل من علم العبادة فضلا عن علم الشريعة / لأن آدم عليه السلام فضل على الملائكة لاختصاصه بعلم الأسماء وهذا راجع إلى حفظ اللغة وهم لم يحتجوا إلا بكمال التسبيح والتقديس . فقال ابن عرفة : إنّما يؤخذ منه أن علم اللّغة له فضل وشرف لا أنه أفضل من العبادة . قال ابن عطية : قال بعض العلماء في قوله تعالى : { فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِمْ } نبوءة ( لآدم ) عليه السلام إذ أمره الله أن ينبيء الملائكة بما ليس عندهم من علم الله عز وجل . وكذا قال ابن الخطيب : إنّه احتجّ بها من قال : إنّ آدم عليه السلام رسول ، ورد هذا ( بوجوه ) : الأول : قال الفخر الرازي : الأنبياء معصومون وهو قد أهبط بعد ذلك من الجنة لأكله من الشجرة فلا يصح كونه رسولا . الثاني : قال ابن عرفة : الرسول مأمور بتبليغ التكاليف لأمته ، والملائكة ليسوا مكلفين بإجماع ، وأيضا فالتبليغ إنما هو مع الغيبة والله تعالى خاطب الملائكة خطاب مشافهة فلا فائدة في الإرسال إليهم . قوله تعالى : { قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } . قال ابن عرفة : كان الشيخ ابن عبد السلام رحمه الله تعالى يقول في هذه الآية الكريمة : إنه لم يتقدم في الآية ( التي قبلها ) أنه قال لهم هذا لأن المتقدم إنما هو { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } إلى قوله { تعلمونَ } قال الشيخ ابن عبد السلام : ينبغي عندي أن يوقف عند قوله { أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ } أي ( أَلَمْ ) أَقُل لَّكُمْ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ . ثم يبتدئ : { إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ؟ قلت : والظاهر عندي أن الوقف عند قوله : { غَيْبَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } لأنّ { غَيْبَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ، لا يعلمونه هم فكأنه قال : إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ويبتدئ { وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } لأن هذا لا يتسلط عليه القول إذ لم يقله لهم أصلا . قوله تعالى : { مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } قال ابن عرفة : عادتهم يوردون هنا سؤالا مذكورا في جنس الائتلاف وهو : لِمَ جَاءَ هذا هكذا ( مع ) صلاحية الأربعة أوجه إمّا حَذْف كان من الفعلين ، أو ذكرهما فيهما معا أو ذكرها مع الأول دون الثاني ، أو العكس . فلم اختص اختص بها الثاني دون الأول ؟ قال : وتقدم لنا الجواب عنه بأنه قصد بالعطف التسوية بين علم الله تعالى الظاهر والخفي كما في قوله تعالى { مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا } وعلم الأمر الظاهري في الحال أقرب من علم ما كان ماضيا في الباطن وجهل الأمر الماضي الخفيّ أشدّ من جهل الأمر الحالي الخفي ( فقرن ) علمه الظّاهر الّّذي في أعلى درجات ( الجلاء ) والوضوح بعلمه الأمر الخفي الباطن الذي في أنهى درجات الخفاء إشارة إلى استواء علمه فيهما ، وأنه ليس بينهما عندي في ذلك تفاوت بوجه فلذلك قرنت كان بـ " تَكْتُمُونَ " دون " تُبْدُونَ " . قيل لابن عرفة : ولو ( قصد ) التّسوية لبدأ " بِمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ " لأن معرفة الخفي يستلزم ( معرفة ) الجلي ، فلا تكون للعطف فائدة إلا التسوية وأما الآن فالعطف تأسيس وفائدة ظاهرة . قال ابن عرفة : جاء هذا على الأصل فلا سؤال فيه .