Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 6-6)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ … } قال ابن عرفة : لما كان المخاطب في مادة ( أن ينكر ) مساواة ( حالة ) إنذارهم لحالة عدم الإنذار بل ( نقول ) : إنّها مظنة الانزجار والفلاح ( والنجاح ) احتيج إلى تأكيد المساواة بأن قال ابن عطية : قيل : ( للزارع ) كافر لأنه يغطي الحب ويقال : إذا غطى قلبه بالدين عن ( الإيمان ) أو غطى الحق بأقواله وأفعاله . قال ابن عرفة : أما الأول فظاهر لأنّ الدّين يجامع القلب فيصح تغطيته إياه ، واعتقاد الحق لا يجامع اعتقاد الباطل ، بل هو نقيضه وستره ( له ) لا يكون إلا مع اجتماعه معه : والفرض أنه لا يجامعه وأما باعتبار الأفعال فظاهر . قيل لابن عرفة : يصحّ اجتماعهما باعتبار اختلاف المتعلق ؟ فقال : تحول المسألة وما ( كلامه ) إلا فيما إذا كان متعلق الكفر هو متعلق الإيمان ، ( فحينئذ ) ( تتعلق ) التغطية . قيل له : تكون التغطية مجازا ، عبر به عن ( معاندة ) أحد الاعتقادين للآخر ؟ فقال : إنما هو مخبر عن أصل العقيدة أي هذه اللفظة ممّاذَا هي مشتقة ؟ فما حقه أن يأتي إلاّ الحقيقة اللّغوية ، وأما المجاز فليس بأصلي . واختلف الأصوليون في الألف واللام الداخلة على الموصول فقيل : إنها للجنس ويكون عاما مخصوصا كأكثر عمومات القرآن . وقيل : إنها مطلقة فتكون للحقيقة أعني الماهية ، فلا يحتاج إلى تخصيص ، ويحتمل أن تكون للعهد . ابن عطية : وقال الرّبيع بن أنس : ( إنّ ) الآية نزلت في قادة الأحزاب وهم أهمّ أهل القليب ببدر ، وفي بعض النسخ وأهل القليب ببدر . قال ابن عرفة : وهو الصحيح فإن غزوة الأحزاب متأخرة عن بدر ، وأهل القليب ببدر قتلوا فلم يبق منهم أحد للأحزاب . قال ابن عرفة : إلاّ أن يريد بالأحزاب الجماعة ولا يريد به الغزوة . قال الإمام ابن الخطيب : والآية دليل على جواز تأخير البيان ( عن ) وقت الحاجة ، فإنها لم ( تبين ) متعلقها . ورده ابن عرفة بأنها ليس المراد بها التكليف ( فيحتاج ) إلى بيان وإنما هي تخويف وإنذار ، والعموم أدعى ( لحصول ) التخويف من الخصوص . قوله تعالى : { ءَأَنذَرْتَهُمْ … } أنكر الزمخشري هنا قراءة ورش وجعلها لحنا وكفره الطيبي . وظاهر كلام الطيبي هذا أن ( السّبع ) ( قراءات ) أخبار آحاد وليس بمتواتر . قال ابن عرفة : وحاصل ( كلام ) ( الناس ) فيها أنها على وجهين : فأما ما يرجع إلى آحاد الكلم كملك ومالك ويخدعون ويخادعون فهو متواتر اتفاقا من غير خلاف منصوص ، إلا أن ظاهر كلام الدّاودي على ما نقل عنه ( الأنباري ) أنها غير متواترة . وأما ما يرجع إلى كيفية النطق بها من إعراب وإمالة وكيفية وقف ففيه ثلاثة أقوال : الأول نقل ( الأنباري ) شارح البرهان عن أبي المعالي أنها متواترة وأنكره عليه وهو اختيار الشيخ أبي عبد الله محمد بن سلامة من أشياخنا . ( الثاني ) أنّها متواترة عند القراء فقط ( نقله المازري في شرح البرهان واختاره شيخنا ابن عرفة . الثالث : أنها غير متواترة ) قاله ابن العربي في العواصم والقواصم ( والأنباري ) وابن رشد في كتاب الصلاة الأول وفي كتاب ( الجامع ) الرابع من البيان والتحصيل . قال ابن عرفة : وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق إبراهيم ( الجزري ) وشيخنا القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد السلام وصاحبنا الفقيه أبي العباس أحمد بن إدريس ( البجائي ) . ءَأنذَرْتَهُمْ : استفهام في معنى الخبر أو معنى المصدر أي إنذارك وعدم إنذارك سواء . قال : ( وسَوَاءٌ ) مبتدأ وءَأَنذرْتَهُمْ إما فاعل وإما خبره ( ويصح ) أن يكون مبتدأ لأنه يكون الخبر أفاده المبتدأ ، فلا فائدة ( فيه ) . ورده ابن عرفة : بأنه يفيد التسوية إذْ لَعلّ المراد إنذارك وعدم إنذارك مختلفان . قال ابن عرفة : والصواب أنه على / حذف مضاف أي سواء عليهم جواب { ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ } . ويكون استفهاما حقيقة لأن الاستفهام في قوله مجاز ( والمصدر ) يحتاج إلى ( أداة ) ( تصيّر ) الفعل مقدرا بالمصدر وهو ( بمنزلة ) قول . قيل : يشتمل على إنذار وجوابه ( إمّا معه ) أو قبله ولذلك هنا جواب ( الأمرين ) عندهم سواء . قوله تعالى : { لاَ يُؤْمِنُونَ } . هو احتراز لأنه قد يكون الاختيار ( باستواء ) الحالتين عندهم يقتضي مبادرتهم إلى الإيمان وعدم ( توقّفهم ) على الإنذار فاحترز من ذلك ( ببيان ) أنهم على العكس . قيل لابن عرفة : إن ( ابن فورك ) أبطل بهذه الآية قاعدة التحسين والتقبيح ؟ قال : لأن الله تعالى أخبر أن الإنذار لا ينفع فيهم ، وقد أمر بإنذارهم ، ومراعاةُ الأصلح ( تقتضي ) عدم تكليفهم وعدم إنذارهم . ( فقال ) : ( تقدم ) ذلك في جواز تكليف ما لا يطاق وهذا متفق عليه فإنّ هؤلاء المخبر عنهم بذلك غير معيّنين فليست هذه كقضية أبي لهب وإنّما الخلاف يخبر عن معينين ( بعدم ) الإيمان وتكليفهم بالإيمان كقضية أبي لهب فليس في هذه الآية دليل بوجه .