Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 7-7)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ … } قرر ابن عرفة وجه المناسبة بين هذه الآية وبين ما قبلها ( بأنها ) سبب فيه ، كأنه قيل : لِمَ لا ينفع الإنذار فيهم ؟ فقيل : بسبب الختم على قلوبهم . قال ابن عرفة : هكذا قرره بعضهم . ويرد عليه ( أنه كان يكون الأوْلى تقدير هذه الآية على ما قبلها ، لأنها سبب فيه وكان يمشي لنا فيه ) إن كان تقرير المناسبة بأنّ امتناع تأثير الفعل في المفعول إما ( لخلل ) في الفاعل أو المَانِعِ في القابل فقد يضرب بالسيف شجاع قوي ويكون على المضروب مصفّح من حديد فلا يؤثر فيه شيئا ، فأخبر هنا أن ( تعذر ) تأثير الإنذار فيهم لا بتوهم أنه ( لإخلال ) ( واقع في الرسول ) في تبليغه بوجه بل لمانع فيهم هو ( الطبع ) على قلوبهم . وفسر ابن عطية الختم بثلاثة أوجه : الأول : أنه ( حسي ) حقيقة ، فإن القلب على هيئة الكف ينقبض مع زيادة الضلال كما ينقبض الكف إصبعا إصبعا . الثاني : أنّه مجاز ( عبارة عن خلق الضّلال في قلوبهم ) ( وأنّ ما خلق الله في قلوبهم من الكفر والضلال والإعراض عن الإيمان سمّاه ختما ) . الثالث : إنّه مجاز في الإسناد كما ( يقال ) ، أهلك المال فلانا وإنّما أهلكه ( سوء تصرفه فيه ) . قال ابن عرفة : وسكت ابن عطية عن هذا الثالث وهو إنما يناسب مذهب المعتزلة ولما جاءت الآية مصادمة لمذهبهم تأولها الزمخشري وأطال وقال : إنه مجاز واستعارة . وقال ابن عرفة : فجعله تمثيلا . قال : والفرق بين التشبيه والتمثيل والاستعارة أن إطلاق الصفة على الموصوف إن كان بأداة التشبيه فهو تشبيه مثل : زيد كالأَسَدِ ، وإلا فإن كان بواسطة ما يدل على التمثيل فهو تمثيل نحو : زيد الأسد ، وإن لم يكن بواسطة فهو استعارة مثل : رأيت أسدا ( يكرّ ) ويفرّ في الحرب . وظاهر كلام الطيبي أنّه لا فرق بين التشبيه والتمثيل . قال : والآية حجة لمن يقول : إن العقل في القلب ، ولو كان في الدماغ لقال : ختم الله على أدمغتهم . فإن قلت : لم قدم القلب والأصل تأخيره ؟ قلت : لوجهين : إما ( لأنّ ) السمع والبصر طريقان إليه فما يلزم من الختم ( عليهما ) الختم عليه ، إذ لعلّه يعلم ( المعقولات ) بقلبه . ويلزم من الختم على القلب عدم الانتفاع بمدركات السمع ؛ وإما لأن المدركات قسمان : وجدانيات ومحسوسات . فما يلزم من نفي المحسوسات نفي الوجدانيات ( بخلاف ) العكس . ( قال ) : وأجاب ( الطيبي ) بأن ( الأمور ) المدركات على ثلاثة أقسام : معقولات ، ومسموعات ، ومبصرات قال : فإن المعقولات أغمض وإدراكها ( أصعب ) والمحسوسات أبين وإدراكها أهون ، فقدم الختم على القلب ليكون تأسيسا ، إذ لا يلزم من عدم إدراكهم الدليل الصعب الغميض عدم إدراكهم الدليل البين الظاهر . ( ( وقال بعض الناس : ( نص ) أفلاطون وأرسطو وغيرهما على أن المعقولات فرع المحسوسات ) ) ، ونفي الفرع لا يستلزم نفي الأصل بخلاف العكس . قوله تعالى : { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ … } إفراد السمع إما لأمن اللبس أو لأنه مصدر ( مبهم ) ( يحتمل القليل والكثير ) . أو لإضافته إلى ( المجموع فأغنى عن جمعه أو لأن الكلام على حذف مضاف قدره الزمخشري : ( وعلى ) حواس سمعهم ، وابن عطية : على ( مواضع ) سمعهم . ( وضعف ابن عرفة الأول بأنه أمن اللبس أيضا في القلوب فهلا قيل : { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } وضعف الثاني بأن الختم إذا كان ( حقيقة ) كأول تأويلات ابن عطية : فيه أنه حسّي فلا يصح تعلقه ( بالسمع ) لأن ( المصدر ) معنى من المعاني إلا أن يتجوز في الختم ، ( أو ) يتجوز في السمع فيراد به محله . قال الزمخشري : ( والبصر ) نور العين ، وهو ما يبصر به الرائي ويدرك به المرئيات ، كما أنّ البصيرة نور القلب وهو ما ( به ) يستبصر ويتأمل . قيل لابن عرفة : إنّ ابن ( راشد ) قال : ( إنّ ) هذا لا يجري على قواعده وإنما يتم على مذهب أهل السنة ؟ ( فقال ) : بل هو ( يحتمل ) ( الأمرين ) ، لأن ذلك النور هل هو بأشعة تنفصل من الرائي للمرئي ، أو يحتمل المذهبين ؟ قال : وإعادة حرف الجر دليل على أن لكل واحد منهما ( ختما ) ( يخصه ) فهو يمنزله ( الكلّية ) لاَ الكل . قوله تعالى : { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } قال ابن عرفة : ( العَظِيمُ ) للتّهكم . قال الزمخشري : والعظيم نقيض الحقير ، والكبير نقيض الصغير ، والعظيم فوق الكبير ، كما أن الحقير دون الصغير . قال ابن عرفة : هذا ينتج له العكس ( لأن ) نفي ( الأبلغ ) يحصل ( بثبوت ) ( أدون نقائضه ) ، ونفي ( احقر ) العذاب يصدق ( بثبوت ) العذاب العظيم وإن كان في نفسه صغيرا ، أما العذاب الصغير يصدق عليه أنه عذاب عظيم لأن نفي ( الأبلغ ) في الحقارة عنه منتف ، فإذا كان ضد الحقير عظيما لزم أن يكون الكبير أعظم من العظيم قطعا ، لأنه إذا انتفى عن العذاب اسم الحقارة ثبت له نقيضه وهو ( العظم ) وإن كان في نفسه صغيرا . ( ( وإذا انتفى عنه ما فوق الحقارة وهو ( الصغر ) ثبت له ما فوق ذلك وهو ( الكبر ) ( وكان ) أعظم من العظيم . / ويؤيد ذلك ( اختيارهم ) في تكبير الصلاة عند الإحرام لفظ : الله أكبر ( ولم يختاروا ) الله العظيم فدل على أن الكبير أعظم من العظيم ) ) . قلت : هذا عند مالك خلافا لأبي حنيفة فإنه أجاز دخول الصّلاة بالله العظيم أو السّميع أو الكبير ونحو ذلك والزمخشري حنفي المذهب .