Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 79-79)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ … } الفاء للاستئناف أو للسبب . ابن عطية : قال الخليل : الويل شدة الشر . وقال الأصمعي : الويل ( القبائح ) وهو مصدر ( لا فعل له ) ينصب على الدعاء . واستبعده ابن عرفة أن يراد به القبائح قال : إنما يفهم منه العقوبة المترتبة على القبائح قال : وويل وويح ( وويس وريب ) ( متقاربة ) وقد فرق بينها قوم . قلت : قال : القاضي عياض في الإكمال في كتاب الإيمان في حديث خرّجه مسلم من رواية واقد بن محمد أنه سمع أباه يحدث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع : " ويحكم ، أو قال : وَيْلَكم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " . قال القاضي عياض : ويح ، وويل للتّعجب والتوجّع كما قال سيبويه ويل ( لمن ) ( وقع ) في مهلكة ، وويح يترحم بمعناها ، وحكى عنه ويح لمن أشرف على ( المهلكة ) . قال غيره : ولا يراد بها الدعاء بإيقاع الهلاك ولكن الترحم . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ويح ترحم . قال الهروي : ويح لمن وقع في مهلكة لا يستحقها / ( فيرثى ) له ويترحم عليه ، وويل للذي يستحقها ولا يترحم عليه . وقال الأصمعي : ويح ترحم ، وابن عباس : الويل المشقة . قال ابن عرفة : هو الحزن ( وقيل الهلاك ) . قلت : وقال القاضي في حديث ( ويحك يَا أَنجشة ) ( رويدك بالقوارير ) . قال سيبويه : هي لمن وقع في مهلكة ( لا يستحقها ) فيرثى له ويترحم عليه ، وويل بضده ، وويس تصغير أي ( دونها ذكره في كتاب الفضائل ) . قوله تعالى : { ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ … } . ( " ثم " ) لبعد ما بين منزلة الكتب والقول . قيل لابن عرفة : ( الكتاب ) لا شيء فيه ، إنما العقوبة على نسبته إلى الله . فقال : لا بل على الأمرين كمن يكتب ( عقودا ) يضرب فيها على الخطوط والشهادات ( ويخليها ) عنده ، فإنه قد ارتكب محظورا فإن أظهرها ونسبها إلى تلك الشهود وطلب بها فهو قد فعل محظورا ( آخر ) . قيل لابن عرفة : نص ابن التلمساني في آخر باب النسخ على أنهم أجمعوا على تكفير من كَّذب الله ، واختلفوا في تكفير من كذَب على الله . فقال ابن عرفة : هذا مشكل فمن يفتي بالخطأ كاذبا على الله يلزم أن يكون كافرا وليس كذلك . قوله تعالى : { لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً … } . قال ابن عرفة : إما أن يراد ( يبيعونه ) بشئ تافه ، أو بلا شيء كقول سيبويه : مررت بأرض فلمّا تنبت ( البقلا ) أي لا تنبت شيئا ونحوه . قال الزمخشري في قوله تعالى : { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } وَفِي قَوْلِهِ في النساء : { فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } وأنشد : @ ( قليل التشكي للمهمّ يصيبه كثير الهوى شتى النوى والمسالك ) @@ وأنكره أبو حيان وذكره أيضا الزمخشري في سورة النّمل في قول الله عز وجل : { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَءِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [ النمل : 62 ] . قال : المعنى نفي التذكير . والقلة تستعمل في معنى النفي . قال ابن عرفة : معنى كتبهم : إما أنهم يكتبون زيادات يدلّون فيها ( صفات ) النّبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك ممّا يقصدون تبديله لغرض ما ويعطون ذلك لعوام ويقولون لهم : إنّه منقول من التوراة ، وإما أنهم يخبرونهم بذلك بالقول : إنه ( من ) التوراة دون ( كتب ) ، وأما ( تبديلهم ) ذلك في نفس التوراة فلا ، ( وقد قال ابن فورك : إنّ صفاته صلى الله عليه وسلم الآن موجودة في التوراة ) . وقال المازري في الأحوذي له عن ( الجوزقي ) إن اسمه فيها بالعبرانية " وار كليط " وما زالت تقع في ( الكتبيين للبيع ) . والفرق بينهما أن القرآن أخبرنا اللهُ تعالى فيه أنّه تكفل بحفظه والتوراة أمر أهلها بحفظها ونحن لا نثق بهم في قولهم : إنّهم حفظوها ، فلعلهم عصوا ذلك ، لأمر ولم يمتثلوه … وبرهان هذا واضح بالبحث عن القرآن في الأقطار كلها المحصل للعلم والتواتر . قيل لابن عرفة : قال بعضهم : الدليل على أنّ التوراة لم تزل في نفسها على ما كانت عليه غير مبدلة أنها في الأقطار كلها متساوية الجرم على نوع واحد ولو بدلوها لاختلفت في الأقطار ؟ قالوا : وهي لا تقع إلا في خمسة أسفار ( وصفات ) النبي صلى الله عليه وسلّم في الخامس منها . قال ابن عطية : قال ابن إسحاق : كانت صفته في التوراة أسمر اللون ربعة ، فردوه آدم طويلا . قال ابن عرفة : نصوا على أنّه لا يُقَالُ فيه عليه الصلاة والسلام : أسمر لأنه نقص . قيل له : ذكروا في صفاته عليه الصلاة والسلام أنه أبيض بياضا مشوبا بحمرة . وهذا أحد ما تصدق عليه السمرة . فقال : لفظ ( أسمر ) موهم لإطلاقه على القريب من الأسود . قوله تعالى : { فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ } . أي من كل خطيئة يكسبونها بالإطلاق كتبا أو غيره ، فهو من عطف العام على الخاص .