Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 8-8)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ … } قال ابن عرفة : ذكر أولا ( المؤمنين ) ( أهل ) التقوى والصفات الحسنة ، ثم ( الكافرين ) أهل الضلال والصفات القبيحة ثم المتصفين بأقبح من ذلك وهو ( النّفاق ) الموجب للحلول في الدرك الأسفل من النار . أو يقال : ذكر أولا من اتصف بالإيمان البسيط ( ( ثم من ( اتصف ) بالكفر البسيط ) ) ، ثم من اتصف بالدّين المركب من أمرين وهو الإيمان ظاهرا والكفر باطنا ، والمركب متأخر عن البسيط في ( المرتبة ) . والألف وللام في " الناس " للعموم ( في ) أنواع بني آدم و " من " للتبعيض في أشخاص تلك الأنواع . وهذا القول إمّا من اليهود أو من المنافقين فإن كان من اليهود فهو قول ( حقيقي ) موافق للاعتقاد ومعناه : من يقول آمنّا بوجود الله واليوم ( الآخر ) ( وما هم بمؤمنين ) لأنّهم ( قد ) ادّعوا ( الشّريك ) فقالوا : { عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } { قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } ( وإن ) كان من المنافقين فمعناه : وَمنَ النّاس من يقول آمنّا ( بوحدانية ) الله ، ويجري هذا على الخلاف في ( الكلام ) ( النفسي ) ، هل يمكن فيه تعمّد الكذب ، ويكون الاعتقاد فيه مخالفا للعلم ، أو لا يمكن ذلك ؟ و ( هي ) مسألة تكلّم عليها الأصوليون لما قسّموا العلم إلى تصوّر وإلى تصديق . فإن ( قلنا ) بجواز الكذب في الكلام النفسي ، فيكون هذا قولا حقيقيا بألسنتهم وقلوبهم ، وإن منعنا وقوع الكذب فيه ، فيكون قولا باللسان فقط قال ابن ( عرفة ) : ( ليس فيها دليل عليهم ) وانظر كيف لم يصرحوا بالإيمان ( بالرسول ) مطابقة بل عبّروا بلفظ يدلّ عليه باللّزوم لا بالمطابقة ( لأنّ مقصودهم ) كفّ الأذى ( عنهم ) لا الإيمان حقيقة . قال ابن عطية . وفي الآية ردّ على الكراميّة في قولهم : إنّ الإيمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب . قال ابن عرفة : ليس فيها دليل عليهم لأنهم لم يقولوا : إنّ الإيمان قول باللّسان ( يخالفه ) ( ( الاعتقاد بالقلب ، ( وإنما قالوا : إنّه قول باللّسان ) عري عن الاعتقاد بالقلب لا لأنّ الاعتقاد بالقلب يخالفه القول باللّسان ) ) ، بمعنى أنه يقوله بلسانه ، ولا ( يعتقد ) بقلبه شيئا لا هو ولا نقيضه ( هكذا ) حكى ( عنهم ) الشهرستاني في ( النحل ) والملل وليست الآية كذلك . ( قيل له ) : نصّ الطبري هنا على أنّ مذهبهم كما قال ابن عطية وألزمهم نسبة الكذب إلى الله عزّ وجلّ . قال الزمخشري : فإن قلت : لم قال عنهم ( ءَامنّا ) بلفظ الفعل وفي الردّ عليهم { وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } بلفظ الاسم ؟ ( وأجاب ) : ( ( إنّ مقصودهم الإخبار ) ) بالاتصاف بالإيمان ، فردّ عليهم بأنّهم ليسوا من نوع المؤمنين ، ولا من جنسهم بوجه . قال ابن عرفة : وهذا الجواب ضعيف ، وممّا يؤكّدُ السؤال أنّ الفعل أعمّ والاسم أخصّ ، ونفي الأعمّ أخصّ من نفي الأخصّ . ( فهلا ) كان الأمر بالعكس ، فهو الأولى ؟ قال : ( والجواب ) أنّ المنافقين لمّا ( كان ) مقصدهم التورية لم يعبّروا بلفظ صريح في الإيمان بل عبّروا بما يدل على ( الاتصاف ) بمطلق الإيمان لا ( بأخصّه ) ، و ( أتوا ) بالفعل الماضي ليدلّ على وقوعه وانقطاعه وعدم الدّوام عليه . ولما كان المقصود الرد عليهم وأنّهم لم يتّصفوا بالإيمان ( النافع بل بإيمان لا ينفع ، لم ينف عنهم مطلق ) الإيمان لأنهم قد آمنوا ظاهرا فنفى عنهم الإيمان الشرعي ( لأنّ الإيمان الشرعي ) الموجب لعصمة دمائهم وأموالهم قد اتّصفوا ( به ) ظاهرا ، فأخبر الله تعالى أنّ ذلك الإيمان النّافع لهم في الدنيا بالعصمة من القتل والسّبى لا ينفعهم في الآخرة فلذلك نفاه ( عنهم ) بلفظ الاسم .