Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 81-81)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً … } قال ابن عرفة : وجه مناسبتها لما قبلها أنه لما تضمن الكلام السابق ( ادّعاء ) الكفار أنّهم لا يعذبون بالنار إلا زمانا ( مخصوصا ) يسيرا ، رد عليهم ذلك بوجهين : - الأول : مطالبتهم بالدّليل على ذلك حسبما تضمنه { قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْداً } - الثاني : أنّهم لما عجزوا عن الإتيان بالدليل ( احتمل ) أن يكون دعواهم في نفس الأمر صحيحة ، فأتى بهذا الدليل على بطلانها . فقال : { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } . ظاهر الآية حجة لأهل السنة في إثبات الكسب لأنهم اصطلحوا على إطلاق هذا اللفظ مرادا به القدرة على الفعل مع العلم بما فيه من مصلحة أو مفسدة ، والأصل عدم النقل ، فإن قلت : المراد به معناه اللّغوي ؟ قلنا : الأصل موافقة اللغة للاصطلاح ، وعدم النقل فلعله كذلك في اللغة . فإن قلت بقول ( المعتزلة ) : المراد به عندي استقلال العبد بقدرته وأنه يخلق أفعاله ، والأصل عدم النقل ، فلعله كذلك في اللغة ؟ قلنا : قد أبطلنا مذهبهم في الأصول بموافقتهم على الدّاعي . و " مَن " إما موصولة أو شرطية ، والظاهر الأول لعطف الموصول عليها ولأنّ الشرط ( قد ) يتركب من المحال . تقول : ( لو اجتمع ) النقيضان لكان زيد متحركا ساكنا ، وهذا صادق مع أنه محال ، وكسب السيئة قيل : المراد به ما سوى الكفر من المعاصي . { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ } المراد به الكفر . وقيل : بالعكس . قيل لابن عرفة : أو المراد بالجميع الكفر ؟ فقال : يكون العطف تكرارا . ( قيل له ) : بل المعنى كسب السيئة وأحاطت به تلك السيئة ؟ ( قال ) : والخلود إن كان كسب السيئة مرادا به المعاصي سوى الكفر ، والخطيئة المراد بها الكفر ، فيكون من استعمال اللّفظ الواحد في حقيقته ومجازه لأن خلود الكفار حقيقة وإن كان شيئا واحدا ، ( فيجوز ) فيه أنّ الكفار مخاطبون بفروع الشريعة . ويفرع على القول الأول بأن معنى الخطاب بذلك راجع إلى تضعيف العذاب على المخالفة في الدار الآخرة ، فيكون هذا خلودا خاصا . والآية حجة لأهل السّنّة ( بدليل ) أداة الحصر . ( فالمعنى ) : هم الخالدون لا غيرهم . قيل لابن عرفة : يخرج من حافظ منهم على الفروع فيلزم أن يكون غير ( مخلد ) ؟ فقال : السياق يبين أنّ هذا خلود خاص . قال الطيبي : يحتمل أن يراد بالسّيئة كل ما فعل عن قصد ، وبالخطيئة ما فعل غير مقصود كمن شرب الخمر فلما سكر ضرب رجلا ( أو قتله ) . الزمخشري : قال الحسن : كل آية نهى الله عنها ، وأخبرك أن من عمل بها أدخله النار فهي الخطيئة المحيطة . قال ابن عرفة : صوابه كل نهي . قال ابن عرفة : وزيادة لفظ الخلود دليل على أن الصحبة ( تطلق ) على مطلق الاجتماع وإن لم يكن معه دوام .