Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 90-90)

Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ … } قال ابن عرفة : نص النحويون على أنّ ( اسم ) الممدوح في " نعم " أو المذموم في " بئس " لا يكون إلا أخص من فاعلها أو مساويا ، ولا يكون أعمّ منه ، والشراء والكفر بينهما عموم وخصوص من وجه ، فالشّراء يطلق على المعارضة من غير الكفر وعلى المعارضة في الكفر ، والكفر أيضا أعم من وجه ، لأن من كفر بعد أن آمن اشترى الكفر ( بالإيمان ) ، ومن كان كافرا بالإصالة لم يشتر شيئا بشيء . قوله تعالى : { فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ … } أي رجعوا ، ومنه قولهم : بُؤْ بِشسع نعل كليب ، أي ارجع بشسعِ نعل كليب وهي من كلام المهلهل أخي كليب قالها في حرب ( داحس ) للحارث . قال ابن عرفة : وتنكير الغضب بدل على أن الثّاني غير الأول كما قالوا في قوله تعالى : { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } لن يغلب عسر ( يسرين ) ووجّهوه بأن العسر معرف فكان شيئا واحدا ، واليسر منكر فكان يسرين . قال ابن عرفة : وإنما قال : " عَلى غَضَبٍ " ، ولم يقل بعد غضب إشعارا ( بشدته ) ، فإنه مجتمع متراكم بعضه على بعض . قيل لابن عرفة : والغضب إن كان صفة فعل فالتعدد فيه متصور صحيح وإن كان صفة معنى امتنع فيه التعدد ، لأنه في ( هذه الحالة يصير ) راجعا إلى الإرادة ، وهي شيء واحد ، فكيف يفهم أنهما غضبان ؟ ثم أجاب بأنّهما متغايران باعتبار المتعلق ، فمتعلّق الإرادة متعددة ، وهو ( أنواع ) العذاب ، فالمعنى على الأول : فباؤوا بعذاب على عذاب . وعلى الثاني : فباؤوا بإرادة عذاب على عذاب . وأوقع الظاهر موقع المضمر في قوله { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } ولم يقل : ولهم عذاب مهين ، مبالغة في إسناد العذاب على كل من اتصف بالكفر بالإطلاق .