Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 93-93)
Tafsir: Tafsīr al-imām ʾibn ʿArafa
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ … } على حذف القول أي القائلين : { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ } قيل لابن عرفة : هل فيه دليل على أن الأشياء كلها محض تفضل من الله تعالى وليست باستحقاق لأن هؤلاء يستحقون ذلك ؟ فقال : نعم . قوله تعالى : { قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا … } قال الطيبي : / هذا من القول بالموجب ، ومنه قول الله تعالى : { يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ } قال ابن عرفة : لا بل هو مغالطة منهم لأن السماع في قوله : " وٱسْمَعُواْ " ليس المراد به حقيقة بل هو من مجاز إطلاق السبب على مسببه ، لأن السماع سبب في الطاعة ، فكأنهم أمروا بالطاعة ( فغالطوا ) في ذلك ، وحملوا الأمر بالسماع على حقيقته من أن المراد به الاستماع فقط فقالوا : " سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا " قوله تعالى : { وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ … } الباء إما للمصاحبة أي مع كفرهم ، أو للسببية فيكون العقوبة على الذنب بالذنب كما ورد أن المعاصي تزيد الكفر . قيل لابن عرفة : إنما كفروا بعبادتهم العجل ، ولم يتقدم لهم قبل ذلك كفر بوجه ؟ فقال : لا بل كفروا أولا كفرا عاما بالاعتقاد ، ثم عبدوا العجل ( بالفعل ) . قوله تعالى : { قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ … } عبر بالفعل المضارع ، وقال بعده { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ } فعبر بالماضي فما السر في ذلك ؟ أجاب ابن عرفة : بأن الشراء لا يتكرر لأنه إذا دفع للبائع الثمن لم يعد إليه بوجه ، فلا يقال : إنه يبيع سلعته مرة أخرى أو يشتري العوض مرة أخرى . فإلإيمان الذي باعوه لا يرجع إليهم بوجه بخلاف أمر الإيمان لهم فإنه يتجدد ( بحسب ) متعلقه شيئا فشيئا . قال ابن عرفة : وقبح فعلهم إما من ( جهة ) كذبهم في مقالتهم إذ { قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا } وليسوا بمؤمنين ، وإما من جهة إيمانهم مع اتصافهم بالقبيح . والإيمان لا ينشأ عنه إلا الحسن . قيل لابن عرفة : المراد بقوله : " إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " الإيمان الحقيقي الشرعي ، والإيمان الحقيقي لا ( يأمر ) إلا بالخير فكيف قال لهم : { بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ } ؟ فقال : المراد إن ( كنتم تدّعون ) الإيمان حاصلا لكم ، فبئس ما يأتيكم به إيمانكم المدّعى . قيل له : لما يأمرهم الإيمان بذلك ، وإنما هو إيمان ناقص زاحمه غيره من وساوس النفس ، فالمزاحم هو الأمر لا الإيمان ؟ فقال : بل الأمر الإيمان المدعى أنه إيمان .