Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 76-82)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { فَلَمَّا جَاءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } الآية : يريد بـــ { ٱلْحَقُّ } آيَتَيِ العَصَا واليد . وقوله : { أَسِحْرٌ هَـٰذَا } : قالت فرقة : هو حكايةٌ عن موسَى عنهم ، ثم أخبرهم موسَى عن اللَّه ؛ أَنَّ الساحِرِينَ لا يُفلحون ، ثم اختلفوا في معنى قول قَوْمِ فرعونَ ، فقال بعضهم : قالها منهم كلُّ مستفهِمٍ جاهلٍ بالأمر ، فهو يسأل عنه ، وهذا ضعيفٌ ، وقال بعضهم : بل قالوا ذلك عَلَى معنى التعظيم للسحْرِ الذي رأَوْهُ ، وقالت فرقة : ليس ذلك حكايةً عن موسَى عنهم ، وإِنما هو من كلام موسَى ، وتقدير الكلامِ : أَتقولون للحَقِّ لما جاءكم سِحْرٌ ، ثم ابتدأ يوقِّفهم بقوله : { أَسِحْرٌ هَـٰذَا } على جهة التوبيخ . وقولهم : { لِتَلْفِتَنَا } : أي : لتصرفنا وتلوينا وتَرُدَّنا عن دين آبائنا ، يقال : لفتَ الرَّجُلُ عُنُقَ الآخَرِ ؛ إِذا أَلواه ، ومنه قولهم : ٱلْتَفَتَ ؛ فَإِنَّهُ ٱفْتَعَلَ مِنْ لَفَتَ عُنُقَهُ إِذَا أَلواه ، و { ٱلْكِبْرِيَاءُ } : مصْدَر من الكِبْرِ ، والمراد به في هذا الموضع المُلْك ؛ قاله أكثر المتأوِّلين ؛ لأنه أعظم تَكَبُّرِ الدنيا ، وقرأ أبو عَمْرٍو وحده : « به آلسِّحْرُ » - بهمزةِ ٱستفامٍ ممدودةٍ - ، وفي قراءة أُبيٍّ : « مَا أَتَيْتُمْ بِهِ سِحْرٌ » ، والتعريف هنا في السِّحْرِ أَرْتَبُ ؛ لأنه تقدَّم منكَّراً في قولهم : { إِنَّ هَـٰذَا لَسَحِرٌ } ، فجاء هنا بلامِ العَهْدِ . قال * ص * : قال الفَّرَّاء : إِنما قال : « السِّحْر » بـــ « أَلْ » ، لأن النكرة إِذا أُعيدَتْ ، أُعيدَتْ بـ « أَلْ » ، وتبعه ابن عطية ، ورُدَّ بأن شرط ما ذكراه ٱتِّحَادُ مدلول النكرةِ المُعَادة ؛ كقوله تعالى : { كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ } [ المزمل : 15 ، 16 ] وهنا السِّحْر المنكَّر هو ما أتَى به موسَى ، والمعروفُ ما أتَوْا به هُمْ ، فٱخْتَلَفَ مدلولُهما ، وٱلاستفهامُ هنا : على سبيل التحقِيرِ . انتهى . وهو حَسَن . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ } : إِيجاب عن عِدَّةٍ من اللَّه تعالى . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } : يحتمل أنْ يكون ابتداءَ خَبَرٍ مِنَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ ، ويحتملُ أَنْ يكون من كلام موسَى عليه السلام ، وكذلك قوله : { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ … } الآية ، محتملٌ للوجهين ، وكون ذلك كلُّه من كلام موسَى أقربُ ، وهو الذي ذكر الطبريُّ ، وأما قوله : { بِكَلِمَـٰتِهِ } : فمعناه بكلماته السابقةِ الأزليَّة في الوَعْد بذلك .