Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 83-86)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله عز وجل : { فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِمْ } ٱختلف المتأوِّلون في عود الضمير الذي في { قَوْمِهِ } ، فقالتْ فرقة : هو عائدٌ على موسَى ، وذلك في أول مبعثه ، وَمَلأُ الذُّرِّيَّةِ ، هم أشرافُ بني إِسرائيل . قال * ص * : وهذا هو الظاهر ، وقالت فرقةٌ : الضميرُ في { قَوْمِهِ } عائدٌ على { فِرْعَوْنَ } ، وضمير { مَلإِيْهِمْ } عائدٌ على الذريَّة . قال * ع * : ومما يضعِّف عوْدَ الضميرِ علَى موسَى : أَنَّ المعروفَ مِنْ أخبار بني إِسرائيل أنهم كانوا قوماً تقدَّمت فيهم النبوَّاتِ ، ولم يُحفَظْ قطُّ أَنَّ طائفة من بَني إِسرائيل كَفَرَتْ به ، فدَلَّ على أن الذريَّة مِنْ قوم فِرعون . وقوله سبحانه : { وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰقَوْمِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ … } الآية : هذا ابتداءُ حكايةِ قوْلِ موسَى لجماعةِ بني إِسرائيل ؛ مُؤَنِّساً لهم ، ونادباً إِلى التوكُّل على اللَّه عزَّ وجلَّ الذي بيده النصْرُ قال المُحَاسِبيُّ : قُلْتُ لأبي جعفرٍ محمَّدِ بنِ موسَى : إِنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ يقول : { وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [ المائدة : 23 ] فما السَّبِيلُ إِلى هذا التوكُّل الذي نَدَبَ اللَّه إِلَيْهِ ، وكيف دُخُولُ الناس فيه ؟ قال : إِن الناس متفاوِتُون في التوكُّل ، وتوكُّلُهم علَى قَدْرِ إِيمانهم وقوَّةِ عُلُومهم ، قُلْتُ : فما معنى إِيمانهم ؟ قال : تصديقُهُم بمواعيدِ اللَّه عزَّ وجلَّ ، وثِقَتُهُم بضَمَانِ اللَّه تبارَكَ وتعالَى ، قلْتُ : مِنْ أَيْنَ فَضَلَتِ الخاصَّة منهم على العامَّة ، والتوكُّل في عَقْد الإِيمان مع كلِّ من آمن باللَّه عزَّ وجلَّ ؟ قال : إِنَّ الذي فَضَلَتْ به الخاصَّة على العامَّة دَوَامُ سكونِ القَلْب عن ٱلاضطراب والهُدُوِّ عن الحرَكَة ، فعندها ، يا فَتَى ، ٱستراحُوا من عذاب الحِرْصِ ، وفُكُّوا مِنْ أُسْرِ الطمع ، وأُعْتِقُوا من عُبُودِيَّة الدنيا ، وأبنائِها ، وحَظُوا بالرَّوْحِ في الدَّارَيْنِ جميعاً ، فطوبَى لهم وحُسْنُ مَآب ، قلْتُ : فما الذي يولِّدُ هذا ؟ قال : حَالَتَانِ : دَوَامُ لُزُومِ المعرفة ، وٱلاعتِمَادُ على اللَّه عزَّ وجلَّ ، وتَرْكُ الحِيل . والثانية : الممارسَةُ حتى يَأْلَفَهَا إِلْفاً ، ويختارها ٱختياراً ، فيصير التوكُّل والهُدُوُّ والسكونُ والرضا والصبْرُ له شعاراً ودثاراً . انتهى من « كتاب القَصْدِ إِلى اللَّه سبحانه » . وقولهم : { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } : المعنى : لا تُنْزِلْ بنا بلاءً بأيديهم أو بغير ذلك مدَّةَ محاربتنا لهم ؛ فَيُفْتَنُونَ لذلك ، ويعتقدون صلاَحَ دينهم ، وفَسَاد ديننا ؛ قاله مجاهد وغيره ، فهذا الدعاءُ على هذا التأويل يتضمَّن دفْعَ فصلين : أحدُهما : القَتْل والبلاء الذي توقَّعه المؤمنون . والآخر : ظُهُورُ الشَّرك بٱعتقادِ أهله أنَّهم أَهْلُ الحَقِّ . ونحو هذا قوله صلى الله عليه وسلم : « بِئْسَ المَيِّتُ أَبُو أُمَامَةَ » لأن اليَهُودَ وَالمُشْرِكِينَ يَقُولُونَ : لَوْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهُ . ورَجَّحَ * ع * في « سورة الممتحنة : 5 » قولَ ابْنِ عباس : إِن معنى : { لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } : لا تسلِّطهم علينا ؛ فيفتنونا ؛ ٱنظره هناك .