Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 100-106)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلْقُرَىٰ … } الآية { ذَٰلِكَ } : إِشارة إِلى ما تقدَّم من ذكْر العُقُوبات النَّازلة بالأُمَمِ المذكُورة ، { مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ } : أي : منها قائمُ الجُدُرَاتِ ، ومتهدِّمٌ دائر ، والآيةَ بجملتها متضمِّنة التخويفَ وضَرْبَ المثلِ للحاضرين مِنْ أَهْل مكَّة وغيرهم ، والـــ { تَتْبِيبٍ } : الخُسْرَانُ ؛ ومنه : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ } [ المسد : 1 ] . وقوله : { وَكَذَٰلِكَ } : الإِشارةُ إِلى ما ذكر من الأخذات في الأمَم ، وهذه ٱية وعيدٍ يعمُّ قرى المُؤمنين والكافرينَ ، فإِنَّ « ظالمة » : أعمُّ من « كافرة » ، وقد يمهل اللَّه تعالَى بعْضَ الكَفَرَة ، وأما الظَّلَمَةُ ، فمعاجَلُون في الغَالِبِ ، وقد يُمْلي لَبَعْضِهِمْ ، وفي الحديث ، من رواية أبي موسَى ؛ أن رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ : « إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي لِلظَّالِمَ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ ، لَمْ يُفْلِتْه » ، ثم قرأ : { وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَـٰلِمَةٌ … } الآية ، وهذه قراءة الجماعة ، وهي تعطي بقاءَ الوَعِيدِ ، وٱستمرارَهُ في الزمان ؛ { إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لأَيَةً } : أي : لعبرةً وعلامةَ اهتداءٍ ، { لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلأَخِرَةِ } ، ثم عَظَّمَ اللَّه أمْرَ الآخرة ، فقالَ : { ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ } ، وهو يومُ الحَشْر ، { وَذٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } يَشْهَدُهُ الأوَّلون والآخِرُون ؛ من الملائِكَةِ ، والإِنس ، والجنِّ والحيوانِ ؛ في قول الجمهور ، { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } لا يتقدَّم عنه ولا يتأخَّر . قال * ص * : والظاهر أنَّ ضمير فاعل : « يأت » : يعودُ على ما عاد عَلَيْه ضَميرُ « نُؤَخِّره » ، والناصبُ لـــ « يَوْم » « لا تَكَلَّمُ » ، والمعنى : لا تكَلَّمُ نَفْسٌ يوم يأتي ذلك اليَوْمُ إِلا بإِذنه سبحانه . انتهى . وقوله تعالى : { فَمِنْهُمْ } : عائدٌ على الجمعِ الذي يتضمَّنه قوله : { نَفْسٌ } ، إِذ هو اسمُ جِنْسٍ يراد به الجَمْعُ { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } وهي أصواتُ المكْروبين والمَحْزُونين والمعذَّبين ، ونحو ذلك ، قال قتادةُ : الزَّفير : أول صَوْتِ الحِمارِ ، والشهيقُ : آخره ، فصياحُ أهْل النَّار كذلك ، وقال أبو العالية : « الزفير » : من الصدر ، و « الشهيق » : من الحَلْق ، والظاهر ما قال أبو العالية .