Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 116-119)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ … } الآية ، { لَوْلاَ } : هي التي للتحضيض ، لكن ، يقترن بها هنا مَعْنَى التفجُّع والتأسُّف الذي ينبغي أنْ يقع من البَشَر عَلَى هذه الأُمَمِ التي لم تَهْتِدِ ، وهذا نحو قوله سبحانه : { يَٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ } [ يس : 30 ] ، والقرون من قبلنا قومُ نوحٍ وعادٍ وثمود ، ومَنْ تقدم ذكْرُهُ . وقوله : { أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ } : أي : أولو بقيةٍ مِنْ عقْلٍ وتمييزٍ ودينٍ ، { يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ } وإِنما قيل : { بَقِيَّةٍ } ؛ لأن الشرائِعَ والدوَل ونَحْوَها ، قوَّتُها في أولها ، ثم لا تزال تَضْعُفُ ، فمن ثَبَتَ في وقْتِ الضعْفِ ، فهو بقيَّة الصدْرِ الأول . و { ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ } : هو الكُفْر وما ٱقْتَرَنَ به من المعاصي ، وهذه الآيةُ فيها تنبيهٌ لهذه الأُمَّةِ وحضٌّ على تغيير المُنْكَر ، ثم ٱستثْنَى عزَّ وجلَّ القوم الذين نَجَّاهم معَ أنبيائهم ، وهم قليلٌ بالإِضافة إِلى جماعاتهم ، و { قَلِيلاً } ٱستِثْنَاءٌ مُنْقطعٌ ، أيْ : لكن قليلاً ممن أنجينا منهم ، نَهَوْا عن الفساد ، و « المُتْرَف » : المنعَّم الذي شغلَتْهُ تُرْفَتُهُ عن الحَقِّ حتى هلك ؛ { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ } منه سبحانه وتعالى عن ذلك ، { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } : أي مؤمنة لا يَقَعُ منهم كُفْر ؛ قاله قتادة ، ولكنه عزَّ وجلَّ لم يشأْ ذلك ، فهم لا يزالُونَ مختلفين في الأديان والآراءِ والمِلَلِ ، هذا تأويل الجُمهورِ ، { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } ، أي : بأن هداه إِلى الإِيمان ؛ وقوله تعالى : { وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ } : قَالَ الحَسَن : أي : ولِلاختلافِ خلقهم . قال * ع * : وذلك أن اللَّه تعالى خلق خَلْقاً للسعادة ، وخَلْقاً للشقاوةِ ، ثم يَسَّر كُلاًّ لما خلق له ، وهذا نصٌّ في الحديث الصحيحِ ، وجعل بَعْدُ ذلك ٱلاختلاف في الدِّين على الحَقِّ هو أمارةَ الشقاوةِ ، وبه علَّق العقابَ ، فيصحُّ أَنْ يُحْمَلَ قولُ الحَسَن هنا : وللاختلافِ خَلَقُهُمْ ، أي : لثمرة الاختلافِ ، وما يكونُ عنه مِنْ شقاوةٍ أو سعادةٍ ، وقال أشْهَبُ : سألتُ مالكاً عن هذه الآية ، فقال : خَلَقَهُمْ ؛ ليكونَ فريقٌ في الجنةِ ، وفريقٌ في السعيرِ ، وقيل غير هذا . وقوله تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } أي : نفذ قضاؤه ، وحَقَّ أمره ، واللام في { لأَمْلأَنَّ } : لام قسم .