Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 5-8)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ … } الآية : قيل : إِن هذه الآية نزلَتْ في الكفَّار الذين كانوا إِذا لقيهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم تَطَامَنُوا وَثَنَوْا صُدُورهم ؛ كالمتستِّر ، ورَدُّوا إِليه ظهورَهُم ، وغَشُوا وجوهَهُمْ بثيابهم ، تباعداً منهم ، وكراهيةً للقائه ، وهم يَظُنُّون أنَّ ذلك يخفَى عليه ، أوْ عن اللَّه عزَّ وجلَّ ، وقيل : هي ٱستعارةٌ للْغِلِّ والحِقْدِ الذي كانوا يَنْطَوُونَ عليه ، فمعنى الآية : أَلاَ إِنهم يُسِرُّون العداوةَ ، ويَتَكَتَّمون بها ، لِتَخْفى في ظَنِّهِم عن اللَّه وهو سبحانه حينَ تغشِّيهم بثيابهم ، وإِبلاغِهِم في التستُّر ، يعلَمُ ما يُسرُّون ، و { يَسْتَغْشُونَ } : معناه يجعلونها أغشيةً وأغطيةً . قال * ص * : قرأ الجمهور : « يَثْنُونَ » - بفتح الياء - ؛ مضارع ثَنَى الشَّيْءَ ثَنْياً : طَوَاهُ . انتهى ، وقرأ ابن عبَّاس وجماعة : « تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ » - بالرفْعِ - ؛ على وزن « تَفْعَوْعِلُ » ، وهي تحتملُ المعنيين المتقدِّمين ، وحكى الطبريُّ عن ابن عبَّاس على هذه القراءة . أنَّ هذه الآية نزَلَتْ في قومٍ كانوا لا يأتون النساءَ والحَدَثَ إِلاَّ ويستَغْشُونَ ثيابهم ؛ كراهيةَ أنْ يُفْضُوا بفروجهم إِلى السماء . وقوله عزَّ وجلَّ : { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا … } الآية ، المرادُ جميعُ الحيوانِ المحتاجِ إِلى رزْقٍ ، والمستقر : صُلْب الأبِ ، و « المستودَعُ » : بَطْن الأُمِّ ، وقيل غير هذا ، وقد تقدَّم . وقوله : { فِي كِتَـٰبٍ } : إِشارةٌ إِلى اللوح المحفوظ . قال * ص * : { لِيَبْلُوَكُمْ } اللام متعلِّقة بـــ « خَلَقَ » وقيل : بفعلٍ محذوفٍ ، أي : أَعْلَمَ بذلك لَيَبْلُوَكُمْ ، انتهى . { وَلَئِن قُلْتَ } : اللام في « لَئِنْ » : مُؤذنةٌ بأَنَّ اللام في { لَيَقُولَنَّ } لامُ قسم ، لا جوابِ شرطٍ ، وقولهم : { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } تناقُضٌ منهم ؛ لأنهم مقرُّونَ بأن اللَّه خلق السمٰوات والأرض ، وهم مع ذلك ينكرون ما هو أيْسَرُ من ذلك ، وهو البَعْثُ مِنَ القبورِ ، وإِذْ خَلْقُ السمٰواتِ والأرضِ ، أكْبَرُ من خَلْقِ الناس . { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ } ، أي : المتوعَّد به { إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } ، أي مدَّةٍ معدودة { لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ } ، أي : ما هذا الحابسُ لهذا العذاب ؛ على جهة التكذيب ، { وَحَاقَ } : معناه : حَلَّ وأحاطَ . البخاريُّ : حاق : نَزَلَ .