Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 67-74)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ } : قال أبو البقاء : في حَذْف التاءِ من « أخذ » ثلاثةُ أَوْجُهٍ : أحدها : أنه فَصَلَ بين الفعل والفاعل . والثاني : أن التأنيثَ غير حقيقيٍّ . والثالث : أن الصيْحَة بمعنى الصِّيَاحِ ، فحُمِلَ على المعنى ، انتهى . وقد أشار * ع * : إِلى الثلاثَة ، واختار الأخير . وقوله سبحانه : { وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَٰهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ } : الرسُلُ : الملائكة ، قال المَهْدوِيُّ : { بِٱلْبُشْرَىٰ } يعني : بالولدِ ، وقيل : البُشْرَى بهلاك قومِ لوطٍ انتهى . { قَالُواْ سَلاَماً } : أي : سلَّمنا عليك سلاماً ، وقرأ حمزة والكسائي : « قَالُوا سَلاَماً قالَ سِلْمٌ » ، فيحتمل أنْ يريد بـــ « السِّلْمِ » السلامَ ، ويحتمل أن يريد بـــ « السِّلْم » ضدَّ الحرب ، و { حَنِيذٍ } : بمعنى : محنوذ ، ومعناه : بعجْلٍ مشويٍّ نَضِجٍ ، يقْطُر ماؤه ، وهذا القَطْر يفصلُ الحَنيذَ من جملة المشويَّات ، وهيئة المحنُوذِ في اللغة : الذي يُغَطَّى بحجارةٍ أو رَمْلٍ مُحَمًّى أو حائل بينه وبيْن النَّار يغطى به ، والمُعَرَّض : من الشِّواء الذي يُصَفَّف على الجَمْر ، والمُضَهَّبِ : الشِّوَاءُ الذي بينه وبين النَّار حائلٌ ، ويكون الشِّواء عليه ، لا مَدْفُوناً به ، والتَّحُنِيذُ في تضمير الخَيْل : هو أنْ يغطَّى الفَرَس بِجِلٍّ على جُلٍّ ؛ ليتصبَّب عَرَقُه ، و { نَكِرَهُمْ } على ما ذكر كثيرٌ من النَّاس ، معناه : أَنْكَرهم { وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } ؛ من أجْل ٱمتناعهم من الأكل ؛ إِذ عُرْفُ مَنْ جاء بِشَرٍّ أَلاَّ يأْكل طعامَ المنْزُولِ به ، قال ابنُ العربيِّ في « أحكامه » : ذهب الليثُ بْنُ سَعْدٍ إِلى أَنَّ الضِّيَافَةَ واجِبَةٌ ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْمِ الآخَرِ ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، ومَا وَرَاءَ ذَلِكَ صَدَقَةٌ " ، وفي رواية : " ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يثوي عنْدَهُ حتَّى يُحْرِجَهُ " وهذا حديثٌ صحيحٌ ، خرَّجه الأئمةِ ، واللفظ للترمذيِّ ، وذهب علماء الفقْه إِلى : أن الضيافة لا تجبُ ، وحملوا الحديثَ على النَّدْب . قال ابنُ العربيِّ : والذي أقولُ به أن الضيافَةَ فَرْضٌ على الكفَايَةِ ، ومِنَ الناسِ مَنْ قال : إِنها واجبةٌ في القُرَى حيثُ لا مَأْوَى ولا طَعَام ؛ بخلاف الحواضِرِ ؛ لتيسُّر ذلك فيها . قال ابنُ العربيِّ : ولا شكَّ أن الضيْفَ كريمٌ ، والضِّيافة كرامَةٌ ، فإِن كان عديماً ، فهي فريضةٌ انتهى ، و { أَوْجَسَ } معناه : أحس والتوجيسُ : ما يعتري النفْسَ عنْد الحَذَرِ ، وأوائلِ الفَزَعِ . وقوله سبحانه : { فَضَحِكَتْ } قال الجمهور : هو الضَّحِكُ المعروفُ ، وذكر الطبري أن إِبراهيم عليه السلام لَمَّا قَدَّم العجْل ، قالوا له : إِنَّا لا نأكل طعاماً إِلاَّ بثمنٍ ، فقال لهم : ثمنُهُ : أنْ تذْكُروا اللَّه تعالَى عليه في أَوَّله ، وتَحْمَدوه في آخره ، فقال جبريلُ لأصحابه : بحَقٍّ ٱتَّخَذَ اللَّهُ هَذَا خَلِيلاً ، ثم بَشَّر الملائكةُ سَارَّة بإِسحاق ، وبأَنَّ إِسحاقَ سَيَلِدُ يعقُوبَ ، ويسمَّى ولَدُ الوَلَد وراء ، وهو قريبٌ من معنى « وراء » في الظرف ، إِذ هو ما يكونُ خَلْف الشيء وبَعْده . وقال * ص * : « وراء » ؛ هنا : استعمل غَيْرَ ظرفٍ ، لدخولِ « مِنْ » عليه ، أي : ومِنْ بَعْدِ إِسحاق . انتهى . وقولها : { يَٰوَيْلَتي } : الألفُ بَدَلٌ من ياء الإِضافة ، أصلها : يَا وَيْلَتِي ، ومعنى : « يَا وَيْلَتَا » في هذا الموضع : العبارةُ عَمَّا دَهَمَ النَّفْسَ من العَجَبِ في ولادةِ عَجُوزٍ ، و { مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } : واحدُ الأمور . وقوله سبحانه : { رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَـٰتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } : يحتمل أنْ يكون دعاءً ، وأنْ يكون خبراً . * ص * : ونصبُ { أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } على النداءِ أو على ٱلاختصاص ، أو على المَدْحِ ، انتهى . وهذه الآية تعطي أَنَّ زوجة الرجل مِنْ أَهْلِ بيتِهِ . * ت * : وهي هُنَا منْ أهْل البيت على كلِّ حال ، لأنها من قرابَتِهِ ، وٱبْنَة عَمِّه ، و « الْبَيْتُ » ، في هذه الآية ، وفي « سورة الأحزاب » بيتُ السكْنَى . وقوله : { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَٰهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَـٰدِلُنَا } : أي : أخذ يُجادِلُنا « في قومِ لوطٍ » .