Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 16-18)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { وَجَاءُو أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ } : أي : وقْتَ العشاءِ ، وقرأ الحسن : « عُشى » ؛ على مثال « دُجىً » ، جمع « عاشٍ » ، ومعنى ذلك : أصابهم عشى من البكاء أو شبه العَشَى ، إذ كذلك هي عَيْنُ الباكي ؛ لأنه يتعاشَى ، ومثَّل شُرَيْحَ ٱمرأةً بكَتْ ، وهي مبطلةٌ ببكاءِ هؤلاءِ ؛ وقرأ الآية ، و { نَسْتَبِقُ } : معناه : على الأقدام ، وقيل : بالرمْي ، أي : ننْتَضِلُ ، وهو نوعٌ من المسابقة ؛ قاله الزَّجَّاج ، وقولهم : { وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا } : أي بمصَدِّق لنا ، { وَلَوْ كُنَّا صَـٰدِقِينَ } ، أي : ولو كنا موصوفين بالصِّدْقِ ، ويحتمل أنْ يكون قولهم : { وَلَوْ كُنَّا صَـٰدِقِينَ } : بمعنى : وإن كنا صادقِينَ في معتَقَدِنا . وقوله سبحانه : { وَجَاءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } : روي أنهم أَخَذُوا سَخْلَةً أَوْ جَدْياً ، فذبحوه ، ولَطَّخُوا به قميصَ يُوسُفَ ، وقالوا ليعقوب : هذا قميصه ، فأخذه وبكَى ثم تأمَّله ، فلم يَرَ خِرَقاً ، ولا أثر نابٍ ؛ فٱستدلَّ بذلك على كذبهم ، وقال لهم : كان الذئْبُ حليماً يأكُلُ يوسُفَ ، ولا يخرق قميصَهُ ؛ قصَّ هذا القَصَصَ ابن عباس وغيره ، وأجمعوا على أنه ٱستدلَّ على كذبهم بصحَّة القميصِ ، وٱستَنَدَ الفقهاءُ إِلى هذا في إِعْمَالِ الأماراتِ في مسائِل ؛ كالقَسَامة بها في قول مالكٍ إِلى غير ذلك . قال الشعبيُّ : كان في القميصِ ثلاثُ آيات : دلالتُهُ على كذبهم ، وشهادَتُهُ في قَدِّه ، ورَدُّ بَصَرِ يَعقُوبَ به ، ووصف الدَّم بالكَذِبِ الَّذي هو مَصْدَرٌ على جهة المبالغةِ ، ثم قال لهم يعقوب : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ } ، أي : رَضيَتْ وجَعَلَتْ سؤلاً ومراداً { أمْراً } ، أي : صنعاً قبيحاً بيوسف . وقوله : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } : إِما على حذف المبتدأ ، أي : فشأني صبرٌ جميلٌ ، وإِما على حَذْفِ الخبر ، تقديره : فصبرٌ جميلٌ أَمْثَلُ ، وجميلُ الصَّبْرِ : أَلاَّ تقع شَكْوَى إِلى بشر ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ بَثَّ ، لَمْ يَصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً " . وقوله : { وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } : تسليم لأمر اللَّه تعالى ، وتوكُّل عليه .