Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 39-42)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { يَٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ ءأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } : وصْفُه لهما بـ { يَٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ } من حيثُ سُكْنَاه ؛ كما قال : { أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ } وَ { أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ } ونحو ذلك ، ويحتمل أن يريد صُحْبَتَهُما له في السِّجْنِ ، كأنه قال : يا صَاحِبَايَ في السجْنِ ، وعرْضُه عليهما بطلاَن أمْرِ الأوثان بأنْ وصَفَها بالتفرُّق ، ووَصْفُ اللَّه تعالى بالوَحْدة والقَهْر تلطُّفٌ حَسَنٌ ، وأخْذٌ بيسيرِ الحُجَّة قبل كثيرها الذي ربَّما نَفَرَتْ منه طباعُ الجَاهِلِ وعانَدَتْه ، وهكذا الوجْهُ في محاجَّة الجاهِلِ : أَنْ يؤخَذَ بدَرَجَةٍ يسيرةٍ من ٱلاحتجاجِ يقبلها ، فإِذا قبلها ، لزمته عَنْها درجةٌ أخرى فوقها ، ثم كذلك أبداً حتى يصلَ إِلى الحقِّ ، وإِن أُخِذَ الجاهلُ بجميعِ المَذْهَبِ الذي يُسَاقُ إِليه دفعةً أباه للحين وعانَدَهُ ، ولقد ٱبْتُلِيَ بأربابٍ متفرِّقين مَنْ يَخْدُم أبناء الدنيا ويؤمِّلهم . وقوله : { مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً } : أي : مسمَّيات ، ويحتملُ - وهو الراجحُ المختار - أن يريد : ما تَعْبُدُون من دونه ألوهيَّة ، ولا لكُمْ تعلُّق بإِلٰه إِلا بحَسَبِ أنْ سمَّيْتُمْ أصنامكم آلهةً ، فليستْ عبادتكم للَّه إِلا بالاسم فقطْ لا بالحقيقة ، وأما الحقيقة : فَهِيَ وسائرُ الحجارة والخَشَب سواءٌ ، وإِنما تعلَّقت عبادتكم بحَسَبِ ٱلاسم الذي وضعت ، فذلك هو مبعودُكُمْ ، ومفعولُ « سميتم » الثاني محذوفٌ ، تقديره : آلهة ؛ هذا على أن الأسماء يراد بها ذواتُ الأصنام ، وأما على المعنى المُخْتارِ من أنَّ عبادتهم إِنما هي لمعانٍ تعطيها الأسماءُ ، وليسَتْ موجودةً في الأصنام ، فقوله : { سَمَّيْتُمُوهَا } بمنزلةِ وضَعْتُمُوهَا ، { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ } : أي ليس لأصنامكم ، و { ٱلْقَيِّمُ } : معناه المستقيمُ ، و { أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ؛ لجهالتهم وكُفْرهم ، ثم نادَى : { يَٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ } ثانيةً ؛ لتجتمع أنفسهما ، لسماعِ الجواب ، فروي أنه قال لنبو : أمَّا أنْتَ ، فتعودُ إِلى مرتبتك وسقايةِ ربِّك ، وقال لمجلث : أما أنْتَ ، فتُصْلَب ، وذلك كلَّه بعد ثلاثٍ ، فروي أنهما قالا له : ما رَأَيْنَا شيئاً ، وإِنما تحالمنا لنجرِّبك ، وروي أنه لم يَقُلْ ذلك إِلا الذي حدَّثه بالصَّلْبِ ، وقيل : كانا رَأَيَا ، ثم أنْكَرا ، ثم أخبرهما يوسُفُ عَنْ غَيْبِ عِلمَهُ من اللَّه تعالى ، أَن الأمر قد قُضِيَ ووافَقَ القدر . وقوله : { وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا … } الآية : الظَّنُّ ؛ هنا : بمعنى اليقين ؛ لأن ما تقدَّم من قوله : { قُضِيَ ٱلأَمْرُ } يلزم ذلك ، وقال قتادة : الظنُّ هنا على بابه ؛ لأن عبارة الرؤْيا ظنٌّ . قال * ع * : وقول يوسف عليه السلام : { قُضِيَ ٱلأَمْرُ } : دالٌّ على وحْيٍ ، ولا يترتَّب قول قتادة إِلا بأَن يكون معنى قوله : { قُضِيَ ٱلأَمْرُ } : أيْ : قُضِيَ كلامِي ، وقلْتُ ما عِنْدي ، وَتَمَّ ، واللَّه أعلم بما يكُونُ بَعْدُ ، وفي الآية تأويلٌ آخر : وهو أن يكون « ظَنَّ » مسنداً إِلى الذي قيل له : إِنه يسقي ربه خمراً ؛ لأنه داخَلَه السرور بما بُشِّر به ، وغلَبَ على ظَنِّه ومعتَقَدِهِ أَنه ناج .