Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 43-45)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ } : روي أنه قال : رَأَيْتُهَا خَارجةً من نَهْرٍ ، وخرجَتْ وراءَها سَبْعٌ عِجاف ، فأكلَتْ تلك السِّمان ، وحَصَلَتْ في بطونها ، ورأى السنابلَ أيضاً ؛ كما ذكر ، و « الــ { عِجَافٌ } : التي بَلَغَتْ غايةَ الهُزَال ، ثم قال لحاضريه : { يَٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيَـٰيَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ } ، وعبارة الرؤية : مأخوذة منْ عَبْرِ النَّهْرِ ، وهو تجاوزه مِنْ شَطٍّ إِلى شَطِّ ، فكأنَّ عابر الرؤيا يَنْتَهِي إِلى آخر تأويلها . قال * ص * : وإِنما لم يضفْ « سبع » إِلى عِجَافٍ ؛ لأنَّ اسم العدد لا يضاف إِلى الصفة إِلا في الشِّعْرِ ، انتهى . وقولهُ سبحانه : { قَالُواْ أَضْغَـٰثُ أَحْلاَمٍ … } الآية : « الضِّغْثِ » ؛ في كلام العرب : أقَلُّ من الحُزْمة ، وأكثَرُ من القَبْضة من النباتِ والعُشْبِ ونحوه ، وربَّما كان ذلك مِنْ جنْسٍ واحدٍ ، وربما كان من أخْلاَط النباتِ ، والمعنى : أنَّ هذا الذي رأَيْتَ أيها الملكُ ٱختلاطٌ من الأحلامِ بسَبَبِ النوم ، ولسنا من أهْلِ العلْمِ بما هو مختلطٌ ورديءٌ ، والــ { أَحْلاَمٍ } : جمع حُلْم ، وهو ما يخيَّل إِلى الإِنسان في منامه ، والأحلام والرؤيا ممَّا أثبتَتْه الشريعةُ ، وقال رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : " الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ ، وَهِيَ مِنَ المُبَشِّرَةِ وَالحُلْمُ المُحْزِنُ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، وَلْيَقُلْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ " وما كان عن حديث النفْسِ في اليقظة ، فإِنه لا يلتفت إِليه ، ولما سمع الساقي الذي نجا هذه المقالَةَ من المَلِكِ ، ومُرَاجَعَةَ أصحابه ، تذكَّر يوسُف ، وعلْمَهُ بالتأويل ، فقال مقالَتَه في هذه الآية ، { وَٱدَّكَرَ } : أصله : « ٱذْتَكَرَ » من الذِّكْرِ ، فقلبتِ التاء دالاً ، وأدغم الأول في الثاني ، وقرأ جمهور الناس : « بَعْدَ أُمَّةٍ » ، وهي المدَّة من الدهر ، وقرأ ابن عباس وجماعة : « بَعْدَ أَمَةٍ » ، وهو النسيانُ ، وقرأ مجاهد وشبل : « بَعْدَ أَمْةٍ » - بسكون الميم - ، وهو مصْدَرٌ من « أَمِهَ » ؛ إِذا نَسِيَ ، وبقوله : { ٱدَّكَرَ } يقوِّي قول من قال : إِن الضمير في « أنساه » عائدٌ على الساقي ، والأمر محتمل ، وقرأ الجمهور : « أَنا أُنَبِّئُكُمْ » ، وقرأ الحسن بْنُ أَبي الحسن : « أَنَا آتِيكُمْ » ، وكذلك في مُصْحَف أُبيٍّ . وقوله : { فَأَرْسِلُونِ } : ٱستئْذان في المُضِيِّ .