Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 70-72)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } : هذا من الكَيْد الذي يَسَّره اللَّه ليوسُفَ عليه السلام ، وذلك أنه كان في دين يَعْقُوبَ ؛ أنْ يُسْتَبْعَدَ السارقُ ، وكان في دِينِ مِصْرَ ؛ أن يُضْرَبَ ، ويُضَعَّف عليه الغُرْم ، فعلم يوسُفُ أَنَّ إِخوته لثقتهم ببراءة سَاحَتِهِمْ سَيَدْعُونَ في السَّرقة إِلى حكمهم ، فتحيَّل لذلك ، وٱستسْهَلَ الأَمرَ على ما فيه مِنْ رَمْي أبرياء وإِدخالِ الهَمِّ على يَعْقُوب وعَلَيْهِم ؛ لِمَا علم في ذلك من الصَّلاح في الآجِلِ ، وبوَحْيِ لا محالة ، وإِرادةٍ مِنَ اللَّه محنَتَهُمْ بذلك ، و { ٱلسِّقَايَةَ } : الإِناء الذي به يَشْرَبُ المَلِكُ ؛ وبه كان يَكِيلُ الطعام للنَّاس ؛ هكذا نصَّ جمهور المفسِّرين ابنُ عباس وغيره ، وروي أنه كان مِنْ فضَّة ، وهذا قولُ الجمهور ، وكان هذا ٱلجُعْل بغَيْرِ عِلْم من « يَامين » ؛ قاله السُّدِّيُّ وهو الظاهر ، « فلما فَصَلَتِ العير » بأوقارها ، وخرجَتْ من مصر فيما رُوِيَ أمر بهم فَحُبِسُوا ، وأذن مؤذن أيتها العير إِنكم لسارقُونَ ، ومخاطبةُ العِير مجازٌ ، والمراد أربابها . * ت * : قال الهَرَوِيُّ : قوله تعالى : { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ } : « العير » : الإِبلُ والحمير التي يحمل عليها الأحمال ، وأراد أصحاب العير ؛ وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم : " يا خَيْلَ اللَّهِ ، ٱرْكَبِي " أراد : يا أَصْحَابَ خَيْلِ اللَّهِ ٱرْكَبِي ، وأنَّث « أَيًّا » ؛ لأَنه للعيرِ ، وهي جماعة ، انتهى . فلما سمع إِخْوَةُ يوسُفَ هذه المقالة ، أقبَلوا عليهم ، وساءهم أَنْ يُرْمَوْا بهذه المَثْلَبَة ، وقالوا : ماذا تَفْقِدُونَ ، ليقع التفْتِيشُ ، فتظهر براءتهم ، ولم يلوذوا بالإِنكار من أوَّل ، بل سألوا إِكمال الدعوَى ؛ عسى أنْ يكون فيها ما تبطل به ، فلا يَحْتَاج إِلى خصامٍ ، قالوا : نفقدُ صُوَاعَ المَلِكِ ، وهو المِكْيَالُ ، وهو السِّقَايَةُ ، قال أبو عُبَيْدة : يؤنَّث الصُّوَاع ؛ مِنْ حيْثُ سمي سِقَايَةً ، ويذكَّر من حيث هو صَاعٌ . * ت * : ولفظ أبي عُبَيْدة الهَرَوِيُّ قال الأَخفش : الصَّاع : يذكَّر ويؤنَّث ، قال اللَّه تعالى : { ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ } فأنَّثَ ، وقَالَ : { لِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } فذكَّرَ لأنه عنى به الصُّوَاع . انتهى . وقوله : { وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } : أي : لمن دَلَّ على سارقه ، وجَبَرَ الصَّواع ، وهذا جُعْل . وقوله : { وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } : حَمَّالَةٌ ، قال مجاهد : « الزَّعيم » : هو المُؤَذِّن الذي قال أيَّتُهَا العِير و « الزعيم » : الضامنُ في كلام العرب .