Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 77-79)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { قَالُواْ إِن يَسْرِقْ } : أي قالوا إِخوةُ يوسُفَ : إِن كان هذا قَدْ سَرَقَ ، فغير بِدْعٍ من ٱبْنَيْ رَاحِيلَ ؛ لأَن أخاه يوسُفَ قد كان سَرَقَ ، فهذا من الإِخوة إِنحاءٌ على ٱبْنَيْ رَاحِيلَ يُوسُفَ وَيَامِينَ ، وهذه الأقوال منهم عليهم السلام إِنما كَانَتْ بحسب الظاهِرِ ، ومُوجِبِ الحُكْم في النازلتين ، فلم يَعْنُوا في غِيبَةٍ ليُوسُفَ ، وإِنما قصدوا الإِخبار بأمر جَرَى ؛ ليزولَ بعضُ المَعرَّة عنهم ، ويختصَّ بها هذان الشقيقَان ، وأما ما رُوِيَ في سَرِقَةِ يوسُفَ ، فالجمهورُ عَلَى أنَّ عمَّته كانَتْ رَبَّتْهُ ، فلما شَبَّ ، أَراد يعقوبُ أخْذَهُ منها ، فَوَلِعَتْ به ، وأشفقَتْ من فِرَاقِهِ ، فأخَذَتْ مِنْطَقَةَ إِسحاق ، وكانت متوارثةً عندهم ، فنطَّقته بها مِنْ تَحْتِ ثيابه ، ثم صاحَتْ ، وقالتْ : إِني قَد فَقَدتُّ المِنْطَقَةَ ، ويوسُفُ قد خَرَجَ بها ، ففتَّشَتْ ، فَوُجِدَتْ عنده ، فٱسترقَّته ، حَسَبَ ما كان في شَرْعِهم ، وبقي عنْدَها حَتَّى ماتَتْ ، فصار عِنْدَ أبيه . وقوله : { فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ } : يعني : أسرَّ الحزَّة التي حَدَثَتْ في نفسه من قول الإِخوة . وقوله : { أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً … } الآية : الظاهر منه أنه قالها إِفصاحاً ؛ كأنه أسَرَّ لهم كراهيةَ مقالتهم ، ثم نجَهَهُمْ بقوله : { أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } : أي : لسوءِ أفعالكم ، واللَّه أعلم ؛ أنْ كان ما وصفتموه حقًّا ، وفي اللفظ إِشارةٌ إِلى تكذيبهم ؛ وممَّا يُقَوِّي هذا عِنْدِي أنهم تركُوا الشَّفاعة بأنفسهم ، وعدَلُوا إِلى الشفاعة بأبيهم عليه السلام ، وقالتْ فرقة : لم يقُلْ هذا الكلامَ إِلا في نَفْسه ، وإِنه تفسيرٌ للذي أسَرَّ في نفسه ، فكأَنَّ المراد : قال في نَفْسِهِ : أنتم شرُّ مكاناً ، وذكر الطبريُّ هنا قصصاً ٱختصارُهُ أنَّه لما ٱستخْرِجَتِ السقايةُ مِنْ رَحْلِ يامين ، قال إخوته : يا بَنِي رَاحِيلَ ، لاَ يَزَالُ البلاءُ يَنَالُنَا مِنْ جِهَتِكُمْ ، فقال يَامِينُ : بل بَنُو رَاحِيلَ ينالُهُمُ البلاءُ منكم ، ذهبتم بأخِي ، فَأَهْلَكْتُمُوهُ ، ووضع هذا الصُّواعَ في رَحْلِي الذي وَضَعَ الدراهمَ في رحالِكُمْ ، فقالوا : لا تَذْكُر الدراهم ، لَئَلاَّ نؤْخَذَ بها ، ثم دَخَلُوا على يوسُفَ ، فأخذ الصُّواع ، فَنَقَرَهُ ، فَطَنَّ ، فقال : إِنه يخبر أنَّكم ذهبتم بأخٍ لكم ، فَبِعْتُمُوهُ ، فَسَجَدَ يامين ، وقال : أيها العزيزُ ، سَلْ صُوَاعَكَ هذا يُخْبِرُكَ بالحقِّ ، في قصص يَطولُ آثرنا ٱختصارَهُ . وروي أن رُوبِيلَ غَضِبَ ، وقَفَّ شَعْرَه ، حتى خرج من ثيابِهِ ، فأمر يوسُفُ بنيًّا له ، فمسَّه فسكَنَ غضبه ، فقال رُوبيلُ : لقد مسَّني أحدٌ من ولد يعقُوبَ ، ثم إِنهم تشاوَرُوا في محارَبَةِ يُوسُفَ ، وكانوا أَهْلَ قُوَّةٍ ، لا يُدَانَوْنَ في ذلك ، فلما أحَسَّ يوسُفُ بذلك ، قام إِلى رُوبِيلَ ، فلبَّبه وصَرَعَهُ ، فرأَوا مِنْ قُوَّته ما ٱستعظَمُوه ، وقالوا : { يَٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ … } الآية ، وخاطبوه بٱسْمِ العزيز ، إِذ كان في تِلْكَ الخُطَّةَ بعَزْلِ الأول أو موته ، على ما رُوِيَ في ذلك ، وقولهم : { فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ } يحتمل أنْ يكونَ ذلك منْهم مجازاً ، ويحتمل أنْ يكون حقيقةً علَى طريقِ الحَمَالَةِ ؛ حتى يَصِلَ يَامِينُ إِلى أَبيه ، ويعرف يعقوبُ جليَّة الأمر ، فمَنَع يوسُفُ من ذلك ، وقال : { مَعَاذَ ٱللَّهِ … } الآية .