Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 17-21)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } : عبارةٌ عن صعوبة أمره عليهم ، وروي أنَّ الكافر يؤتَى بالشَّرْبة من شراب أهْل النَّار ، فيتكَّرهها ، فإِذا أدنيَتْ منه ، شَوَتْ وجهه ، وسقَطَتْ فيها فروة رأسِهِ ، فإِذا شربها ، قَطَّعت أمعاءه ، وهذا الخبر مفرَّق في آيات من كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ ، { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } ، أي : مِنْ كل شعرة في بَدَنِهِ ؛ قاله إِبراهيمُ التَّيْمِيُّ ، وقيل : مِنْ جميع جهاته السِّتِّ ، { وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } : لا يراحُ بالموت ، { وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } : قال الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ العذابُ الغليظ : حَبْسُ الأنفاسِ في الأجسادِ ، وفي الحديث : " تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ تَكَلَّمُ بِلَسَانٍ طَلِقٍ ذَلِقٍ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرُ بِهِمَا ، وَلَهَا لِسَانٌ تَكَلَّمُ بِهِ ، فَتَقُولُ : إِنِّي أُمِرْتُ بِمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلٰهاً آخَرَ ، وبِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وبِمَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ ، فَتَنْطَلِقُ بِهِمْ قَبْلَ سَائِرِ النَّاسِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، فتنطوي علَيْهم ، فتقذفُهُمْ في جهنَّم " ، خرَّجه البزَّار ، انتهى من « الكوكب الدري » . وقوله : { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } وصف اليوم بالعُصُوفِ ، وهي من صفات الريحِ بالحقيقة ؛ لما كانت في اليوم ، كقول الشاعر : [ الطويل ] @ … وَنِمْت وَمَا لَيْلُ المَطِيِّ بِنَائِمِ @@ وباقي الآية بيِّن . { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا } : معناه : صاروا في البِرَازِ ، وهي الأرضُ المتَّسِعَة ، { فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ } ، وهم الأتْبَاعُ { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } ، وهم القادة وأهْلُ الرأْي ، وقولهم : { سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } « المحيصُ » : المفرُّ وَالمَلْجَأَ مأخوذٌ منِ حَاصَ يَحيصُ ؛ إِذا نفر وفر ؛ ومنه في حديث هِرَقْلَ : « فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلى الأَبْوَابِ » وروي عن ابن زيدٍ ، وعن محمد بن كَعْب ؛ أن أهْلَ النار يقولُونَ : إِنما نال أَهْلُ الجَنَّةِ الرحْمَةَ بالصبر على طاعة اللَّه ، فتعالَوْا فَلْنَصْبِرْ ، فَيَصْبِرُونَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ ، فلا ينتفعونَ ، فيقولُون : هلمَّ فَلْنَجْزَعْ ، فَيَضِجُّونَ ويَصِيحُونَ ويَبْكُونَ خَمْسَمِائَةِ سنة أُخرَى ، فحينئذٍ يقولُونَ هذه المقَالَةَ { سَوَاءٌ عَلَيْنَا … } الآية ، وظاهر الآية أنهم إِنما يقولونها في مَوْقِفِ العرْض وقْتَ البروز بين يَدَي اللَّه عزَّ وجلَّ .