Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 26-29)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُم … } الآية : قال ابنُ عبَّاس وغيره من المفسِّرين : الإِشارة بـــ { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } إِلى نَمْرُوذَ الذي بنَى صَرْحاً ؛ ليَصْعَدَ فيه إِلى السماء بزعمه ، فلما أَفرَطَ في عُلُوِّه ، وطَوَّلَهُ في السماء فَرْسَخَيْنِ ؛ على ما حكَى النَّقَّاش ، بعث اللَّه عليه ريحاً ، فهدَمَتْه ، وخَرَّ سقفه عليه ، وعلى أتباعه ، وقيل : إِن جبريلَ هَدَمَهُ بِجَنَاحِهِ ، وألقَى أعلاه في البَحْر ، وٱنْجَعَفَ من أسفله ، وقالت فرقة : المراد بـــ { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } : جميعُ مَنْ كَفَر من الأمم المتقدِّمة ، ومكَر ، ونزلَتْ به عقوبةٌ ، وقوله ؛ على هذا : { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُم مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ … } إلى آخر الآية ، تمثيلٌ وتشبيهٌ ، أي : حالُهم كحَالِ مَنْ فُعِلَ به هذا . وقوله : { يُخْزِيهِمْ } : لفظٌ يعمُّ جميع المكارِهِ التي تَنْزِلُ بهم ؛ وذلك كلُّه راجعٌ إِلى إِدخالهم النَّار ، ودخولهم فيها . و { تُشَـٰقُّونَ } : معناه : تحاربون ، أي : تكُونُونَ في شِقٍّ ، والحَقُّ في شِقٍّ ، و { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } : هم الملائكةُ فيما قال بعضُ المفسِّرين ، وقال يحيى بن سلام : هم المؤمنون . قال * ع * : والصوابُ أن يعمَّ جميعَ مَنْ آتاه اللَّه عِلْمَ ذلك مِنْ ملائكةٍ وأنبياء وغيرهم ، وقد تقدَّم تفسير الخِزْي ، وأنه الفضيحةُ المُخْجلة ، وفي الحديث : " إِنَّ العَارَ وَالتَّخْزِيَةَ لَتَبْلُغُ مِنَ العَبْدِ فِي المَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يُنْطَلَقَ بِهِ إِلَى النَّارِ وَيَنْجُوَ مِنْ ذَلِكَ المَقَامِ " أخرجه البغويُّ في « المسند المنتخب » له . انتهى من « الكوكب الدري » . وقوله سبحانه : { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ } : { ٱلَّذِينَ } : نعتٌ لـــ { ٱلْكَـٰفِرِينَ } ؛ في قول أكْثر المتأوِّلين ، و { ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } يريد القابضِينَ لأرواحهم ، و { ٱلسَّلَمَ } ؛ هنا : ٱلاستسلامُ ، واللام في قوله : { فَلَبِئْسَ } لامُ تأكيد ، والـــ { مَثْوَى } : موضعُ الإِقامة .