Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 30-32)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ … } الآية : لما وصف سبحانه مقالَةَ الكفَّار الذين قالوا : { أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ … } [ النحل : 24 ] عادل ذلك بذكْرِ مقالةِ المُؤْمِنِين مِنْ أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وأوجب لكلِّ فريقٍ ما يستحقُّ ، وقولهم : { خَيْرًا } جوابٌ بحسبِ السؤالِ ، واختلف في قوله تعالى : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ … } إلى آخر الآية ، هل هو ٱبتداءُ كَلاَمٍ أو هو تفسيرٌ لـــ « الخير » الذي أَنْزَلَ اللَّه في الوَحْي على نبِّينا خبراً أنَّ من أحسَنَ في الدنيا بالطَّاعة ، فله حسنةٌ في الدنيا ونعيمٌ في الآخرة ، وروى أنَسُ بنُ مالكٍ ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : " أَنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ المُؤْمِنَ حَسَنَةً ؛ يُثَابُ عَلَيْهَا الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا ، وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ " . وقوله سبحانه : { جَنَّـٰتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا … } الآية : تقدَّم تفسيرُ نظيرها ، و { طَيِّبِينَ } : عبارةٌ عن صالح حالهم ، وٱستعدادهم للمَوْت ، و « الطَّيِّب » ؛ الذي لا خُبْثَ معه ، وقولُ الملائكة : { سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ } : بشارةٌ من اللَّه تعالى ، وفي هذا المعنَى أحاديثُ صحاحٌ يطول ذكْرها ، وروى ابن المبارك في « رقائقه » عن محمد بن كَعْب القُرَظِيِّ قال : إِذا ٱستَنْقَعَتْ نَفْسُ العَبْدِ المؤمن ، جاءه مَلَكٌ ، فقال : السَلامُ علَيْكَ ، وليَّ اللَّهِ ، اللَّهُ يُقْرِىءُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ ، ثُمَّ نَزَعَ بهذه الآية : { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ … } انتهى . وقوله سبحانه : { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } : علَّق سبحانه دخولَهُمُ الجَنَّة بأعمالهم ؛ من حيثُ جعَلَ الأعمالَ أمارةً لإِدخال العَبْدِ الجنَّةِ ، ولا معارَضَةَ بيْنَ الآية ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ ! » قَالُوا : وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِفَضْلٍ مِنْهُ وَرَحْمَةٍ " فإِن الآية تردُّ بالتأويل إِلى معنى الحديث . قال * ع * : ومن الرحمة والتغمُّد أنْ يوفِّق اللَّهُ العبْدَ إِلى أعمالٍ بَرَّة ، ومقصِدُ الحديثِ نفْيُ وجوبِ ذلك على اللَّه تعالى بالعَقْل ؛ كما ذهب إِليه فريقٌ من المعتزلة .