Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 79-83)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ في جَوِّ ٱلسَّمَآءِ … } الاية : « الجوُّ مسافةُ ما بين السماءِ والأرض ، وقيل : هو ما يلي الأرض منها ، والآيةُ عِبْرةٌ بيِّنة المعنى ، تفسيرها تكلف مَحْتَ ، و { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } معناه رَحِيلكم ، والأصواف : للضأنِ والأوبار : للإِبل ، « والأشعار » : للمعز ، ولم تكُنْ بلادهم بلادَ قُطْن وَكَّتانٍ ، فلذلك اقتصَرَ على هذه ، ويحتملُ أنَّ تَرْكَ ذكْر القُطْن والكَتَّانِ والحرير إعراضٌ عن السَّرَف ، إذ ملْبَسُ عبادِ اللَّهِ الصالحينَ إِنما هو الصُّوف ، قال ابن العربيِّ في « أحكامه » عند قوله تعالى : { لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ } [ النحل : 5 ] : في هذه الآية دليلٌ على لبَاسِ الصُّوفِ ، فهو أوَّل ذلك وأولاه ، لأنه شِعارُ المتقين ، ولباسُ الصالحين ، وشَارَةُ الصَّحابة والتابعين ، وٱختيارُ الزُّهَّاد والعارفين ، وإِليه نُسِبَ جماعةٌ من النَّاس « الصُّوفِيَّةُ » ؛ لأنه لباسُهم في الغالِبَ انتهى . « والأثاث » متاعُ البَيْت ، واحِدُها أَثَاثَة ؛ هذا قول أبي زَيْد الأنْصَارِيِّ وقال غيره : « الأثَاثُ » : جميع أنواعِ المالِ ، ولا واحدَ له من لفظه . قال * ع * : والاشتقاق يقوي هذا المعنى الأعمَّ ؛ لأنَّ حالَ الإِنسان تَكُونُ بالمال أثِيثَةً ؛ كما تقول : شَعْرٌ أثِيثٌ ، ونَبَاتٌ أَثِيثٌ ، إذَا كَثُر وٱلْتَفَّ ، والـ { سَرَابِيلَ } : جميعُ ما يُلْبَسُ عَلَى جميع البدنِ ، وذكر وقاية الحَرِّ ، إِذ هو أمسُّ بتلك البلادِ ، والبَرْدُ فيها معدومٌ في الأكثر ، وأيضاً : فذكر أحدهما يدلُّ على الآخر ، وعن عمر رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوُلُ : " مَنْ لَبِسَ ثَوباً جَدِيداً ، فَقَالَ : « الحَمْدُ للَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوارِي به عَوْرَتي وأَتَجَمَّلُ بِهِ في حَيَاتي ، ثُمَّ عَمَدَ إلى الثَّوْب الَّذِي خَلَقَ ، فَتَصَدَّقَ به - كَانَ في كَنَفِ اللَّهِ ، وفي حفْظِ اللَّه ، وفي سَتْر اللَّهِ حَيًّا ومَيِّتاً » " رواه الترمذيُّ ، واللفظُ له ، وابنُ ماجه ، والحاكمُ في « المستدرك » ، وعن عائشة قالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا اشْتَرى عَبْدٌ ثَوباً بِدِينَارٍ أوْ نِصْفِ دِينَار ، فحمِدَ اللَّهَ عَلَيْهِ إِلاَّ لَمْ يَبْلُغْ رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يغِفْرَ اللَّهُ لَهُ " رواه الحاكمُ في « المستدرك » وقال : هذا الحديث لا أَعلم في إِسناده أحداً ذكر بجرح . انتهى من « السلاح » . والسرابيل التي تقي البأس : هي الدروعُ ونحوها ، ومنه قولُ كَعْبِ بنِ زهيرٍ في المهاجِرِينَ : [ البسيط ] @ شُمُّ العَرَانِينِ أَبْطَالٌ لبُوسُهُمُ مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ في الهَيْجَا سَرَابِيلُ @@ والبأس : مسُّ الحديدِ في الحَرْب ، وقرأ الجمهور « تُسْلِمُونَ » وقرأ ابن عباس : « تَسْلَمُونَ » ؛ من السَّلاَمة ، فتكون اللفظة مخصوصةً في بأْس الحرْب .