Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 59-59)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَـٰتِ … } الآية : هذه العبارة في { مَنَعَنَا } هي على ظاهر ما تَفْهَمُ العربُ ، فسمى سبحانه سبْقَ قضائِهِ بتَكْذيب مَنْ كذَّب وتعذيبِهِ - مَنْعاً ؛ وسبب هذه الآية أن قريشاً اقترحوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَن يجعل لهم الصَّفَا ذَهَباً ، ونحو هذا من الاقتراحات ، فأوحى اللَّه إِلى نبيه عليه السلام : إِن شئْتَ أفعلُ لهم ذلك ، ثم إِن لم يؤمنوا ، عاجَلْتُهُمْ بالعقوبة ، وإِن شئْتَ ، استأْنَيْتُ بهم ؛ عسى أن أَجْتَبِيَ منهم مؤمنين ، فقال عليه السلام : بَلِ ٱسْتَأْنِ بِهِمْ يَا رَبِّ ، فأخبر سبحانه في هذه الآية ؛ أنه لم يمنعه جلَّ وعلاَ من إِرسال الآياتِ المقْتَرَحةِ إِلا الاستئناءُ ؛ إِذ قد سلفت عادته سبحانه بمعاجلة الأمم الذين جاءتهم الآيات المقترحة ، فلم يؤمنوا كثمودَ وغيرهم . قال الزَّجَّاجِ : أخبر تعالى أنَّ موعد كفار هذه الأمة الساعة ؛ بقوله سبحانه : { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [ القمر : 46 ] فهذه الآية تنظُرُ إِلى ذلك ، و { مُبْصِرَةً } أي : ذاتُ إِبصار وهي عبارةٌ عن بيان أمْر الناقة ، ووضوح إعجازها ، وقوله : { فَظَلَمُواْ بِهَا } ، أي : بِعَقْرِها ، وبالكُفْر في أمرهَا ، ثم أخبر تعالى أنه إِنما يرسل بالآياتِ غيرِ المُقْتَرَحةِ ؛ تخويفاً للعباد ، وهي آيات معها إِمهال ، فمن ذلك الكُسْوفُ والرعْدُ والزلزلةُ وقَوْسُ قُزَحَ ، وغَيْرُ ذلك ، وآيات اللَّه المعَتَبرُ بها ثلاثَةُ أقْسَامٍ : فقسمٌ عامٌّ في كل شيء ، إِذ حيث ما وضَعْتَ نَظَرك ، وجدتَّ آيةً ، وهنا فِكْرة للعلماء ، وقِسْمٌ معتاد غالباً ؛ كالكسوف ونحوه ، وهنا فِكْرَة الجَهَلَةِ ، وقسْمٌ خَارِقٌ للعادة ، وقد انقضى بانقضاء النبوَّة ، وإِنما يعتبر به ، توهُّماً لما سلف منه .