Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 14-16)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } : عبارة عن شدَّةِ عزمٍ ، وقوةِ صبرٍ ، ولما كان الفَزَعُ وخَوَرُ النفس يشبه بالتناسُب الانحلالَ ، حَسُنَ في شدَّة النفْس ، وقوَّة التصميمِ أنْ يُشْبِه الربْطُ ، ومِنْه يقالُ : فلانٌ رَابِطُ الجأشَ ؛ إِذا كان لا تَفْرَقُ نفسه عند الفَزَعَ والحروبِ وغيرها ، ومنْه الربْطُ على قَلْب أمِّ موسى . وقوله تعالى : { إِذَ قَامُواْ } يحتمل أنْ يكون وصف قيامهم بين يَدَيِ الملك الكافِرِ ، فإِنَّه مَقَامٌ يحتاج إلى الربْطِ على القَلْب ، ويحتمل أن يعبر بالقيام على انبعاثهم بالعَزْمِ على الهُرُوب إلى اللَّه ومنابذة النَّاس ؛ كما تقول : قَامَ فُلاَنٌ إِلى أمْرِ كذا ؛ إذا اعتزم عليه بغايةِ الجِدِّ ، وبهذه الألفاظ التي هي : { قَامُواْ فَقَالُواْ } ، تعلَّقتِ الصوفيَّة في القيامِ والقَوْل ، « والشَّطَط » : الجَوْر وتعدِّي الحدِّ والحقِّ بِحَسَبِ أَمْرٍ أَمْرٍ و « السلطان » : الحجة ، وقال قتادة : المعنى بعذرٍ بيِّن ، ثم عظموا جرم الداعين مع اللَّه غيره ، وظُلُمَهم بقولهم : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } ، وقولهم : { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ … } الآية : المعنى قال بعضهم لبعضٍ ، وبهذا يترجَّح أن قوله تعالى : { إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ } إنما المراد به إِذ عزموا ونَفَذُوا لأمْرهم ، وفي مصحف ابن مسعود : « ومَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ » ، ومضمَّن هذه الآية الكريمة أن بعضهم قال لبعض : إِذ قد فارَقْنَا الكفَّار ، وانفردْنا باللَّه تعالى ، فلنجعل الكَهْفَ مأوًى ، ونَّتكل على اللَّهِ تعالى ، فإنه سيبسُطُ علينا رحمته ، وينشرها علينا ويهيِّىءُ لنا من أمرنا مرفقاً ، وهذا كله دعاءٌ بحَسَب الدنيا ، وهم على ثِقَة من اللَّه في أمر آخرتهم ، وقرأ نافع وغيره : « مَرْفِقاً » بفتح الميم وكسر الفاء ، وقرأ حمزة وغيره بكسر الميم وفتح الفاء ، ويقالان معاً في الأمر ، وفي الجارحة ، حكاه الزَّجَّاج .