Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 29-29)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } المعنى : وقل لهم يا محمَّد هذا القرآن هو الحقُّ ، * ت * : وقد ذم اللَّه تعالى الغافلين عَنْ ذكره والمُعْرِضين عن آياته في غيرما آية من كتابه ، فيجبُ الحذر مما وقَع فيه أولئك ، ولقد أحسن العارفُ في قوله : غَفْلَةُ ساعةٍ عَنْ ربِّكَ مُكَدِّرة لمرآة قلبكَ ، فكيف بَغْفلتكَ جميعَ عُمُرك . وقد روى أبو هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قالَ : " مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُروا اللَّهَ فِيه ولَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهمْ ، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ ، فإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وإِنْ شَاءَ غَفَر لَهُمْ " رواه أبو داود والترمذيُّ والنسائي والحاكم وابنُ حِبَّان في « صحيحهما » وهذا لفظ الترمذيِّ ، وقال : حديثٌ حَسَن ، وقال الحاكمُ : صحيحٌ على شرط مسلم ، « والتِّرَةُ » - بكسر التاء المُثَنَّاة من فوقُ وتخفيفِ الراء - النقْصُ ، وقيل : التبعة ، ولفظ ابن حِبَّان : " إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ القِيَامَةِ ، وإِنْ دَخَلَوا الجَنَّةَ " انتهى من « السلاح » . وقوله : { فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن … } الآية : توعُّد وتهديد ، أي : فليختر كلُّ امرىءٍ لنفسه ما يجدُه غداً عند اللَّه عزَّ وجلَّ ، وقال الداووديُّ ، عن ابن عباس : { فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } يقول : من شاء اللَّه له الإِيمان ، آمن ، ومن شاء له الكفر ، كفر ، هو كقوله : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ التكوير : 29 ] وقال غيره : هو كقوله : { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } [ فصلت : 40 ] بمعنى الوعيد ، والقولان معاً صحيحان . انتهى و { أَعْتَدْنَا } مأخوذٌ من العَتَاد ، وهو الشيءُ المُعَدُّ الحاضر ، « والسُّرادق » هو الجدار المحيطُ كالحُجْرة التي تدورُ وتحيطُ بالفسْطَاط ، قد تكون من نَوْع الفُسْطَاط أديماً أو ثوباً أو نحوه ، وقال الزَّجَّاج : « السُّرَادِق » : كل ما أحاط بشيء ، واختلف في سُرَادِقِ النار ، فقال ابن عباس : سرادقها حائطٌ من نارٍ ، وقالت فرقة : سرادقها دُخَانٌ يحيطُ بالكُفَّار ، وهو قوله تعالى : { ٱنطَلِقُواْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلَـٰثِ شُعَبٍ } [ المرسلات : 30 ] وقيل غير هذا ، وروي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من طريق أبي سعيد الخدريِّ ؛ أنه قَالَ " سُرَادِقُ النَّارِ أربَعَةُ جُدُر كِثَفُ عَرْض كُلِّ جَدارٍ مَسِيرَةُ أرْبَعيِنَ سَنَةً " " و « المهل » قال أبو سعيد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : هو درديُّ الزيتِ ، إِذا انتهى حَرُّه " وقال أبو سعيد وغيره : هو كلُّ ما أذيَب من ذهبٍ أو فضة ، وقالت فرقةٌ : « المُهْل » هو الصديدُ والدمُ إِذا اختلطا ، ومنه قول أبي بكر رضي اللَّه عنه في الكَفَن : إِنما هو للمهلة ، يريدُ لما يسيلُ من المَيِّت في قبره ، ويقوى هذا بقوله سبحانه : { وَيُسْقَىٰ مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ } [ ابراهيم : 16 ] و « المُرتفق » : الشيء الذي يطلب رفقه .