Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 93-95)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ … } الآية : « السَّدَّان » ، فيما ذكر أهل التفسير : جبلان سَدَّا مسالك تلك الناحية ، وبَيْنَ طَرَفيِ الجبلين فَتْحٌ هو موضع الرَّدْم ، وهذان الجَبَلان في طَرَفِ الأرضِ ممَّا يلي المَشْرِق ، ويظهر من ألفاظ التواريخُ ؛ أنهما إلى ناحية الشمال . وقوله تعالى : { وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً } : قال السُّهَيْليُّ : هم أهل جابلَص ، ويقال لها بالسُّرْيانية « جَرْجيسَا » يسكنها قومٌ مِنْ نَسْل ثمود بقيتهم الذين آمنوا بصالح . وقوله تعالى : { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ } هم : أهلُ جابَلَقَ ، وهم من نسل مؤمني قوم عاد الذين آمنوا بهود ، ويقال لها بالسُّرْيانيَّة : « مَرْقِيِسيَا » ولكل واحدةٍ من المديَنتْينِ عَشَرة آلاف بابٍ ، بين كلِّ بابين فرسَخٌ ، ومر بهم نبُّينا محمَّد صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإسراء ، فدعاهم ، فأجابوه ، وآمنوا به ، ودعا من ورائهم من الأمم ، فلم يجيبوه في حديثٍ طويلٍ رواه الطبريُّ عن مقاتل بن حَيَّان ، عن عكرمة عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واللَّه أعلم . انتهى ، واللَّه أعلم بصَّحته . و { يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ } : قبيلان من بني آدم ، لكنَّهم ينقسمون أنواعاً كثيرةً ، اختلف الناس في عددها ، واختلف في إفسادهم الذي وصَفُوهم به ، فقيل : أكْلُ بَني آدم ، وقالت فرقة : إفسادهم : هو الظُّلْم والغَشْم وسائرُ وجوه الإِفساد المعلومِ من البَشَر ، وهذا أظهر الأقوال ، وقولهم : { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً } : استفهامٌ على جهة حُسْن الأدبِ ، « والخْرجُ » : المُجْبَى ، وهو الخراج ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي : « خَرَاجاً » ، وروي في أمر يأجوج ومأجوج أنَّ أرزاقهم هِيَ من التِّنِّينِ يُمْطَرُونَ به ، ونحو هذا مما لم يَصِحَّ ، وروي أيضاً أنَّ الذَّكَر منهم لا يَمُوتُ حتى يولَدَ له ألْفٌ والأنثى كذلك ، وروي أنهم يتسافَدُونَ في الطُّرُق كالبهائِمِ ، وأخبارُهُم تضيقُ بها الصُّحُف ، فاختصرْتُ ذلك ؛ لعَدَمِ صحَّته . * ت * : والذي يصحُّ من ذلك كثْرَةُ عددهم على الجُمْلة ، على ما هو معلوم من حديثِ : « أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ » وغيره من الأحاديث . وقوله : { مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ } المعنى : قال لهم ذُو القَرْنَيْنِ : ما بسطه اللَّه لي من القُدْرة والمُلْك خَيْرٌ من خَرَاجكم ، ولكن أعينوني بُقَّوة الأبدان ، وهذا من تأييد اللَّه تعالى له ، فإِنه تهَدَّى في هذه المحاورة إِلى الأنفع الأَنْزَه ، فإِنَّ القوم لو جمعوا له الخَرَاجَ الذي هو المالُ ، لم يُعِنْهُ منهم أحدٌ ، ولَوَكَّلُوه إلى البنيان ، ومعونَتُهم بالقوَّة أجْمَلُ به .