Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 64-65)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقولُه عز وجل : { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ … } الآية ، قال ابنُ عباس ، وغيرُه : سبب هذه الآية : أَن النبي صلى الله عليه وسلم أَبْطَأَ عنه جِبْرِيلُ عليه السلام مدَّةَ فَلما جاءه قال : " يَا جِبْرِيلُ ، قَدِ ٱشْتَقْتُ إلَيْكَ ، أَفلاَ تزورَنا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورَنَا " فنزلت هذه الآية . وقال الضَّحَّاكُ ، ومجاهدٌ : سببها أَن جِبْريلَ تأخَّر عن النبي صلى الله عليه وسلم عند قَوْلِه في السؤالات المتقدِّمَةِ في سُورةِ الكَهْفِ : « غَداً أُخْبِرُكُمْ » . وقال الدَّاوُودِيُّ عن مجاهدٍ : أَبطأت الرسل عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثم أَتى جِبْرِيلُ عليه السلام قال : ما حَبَسَكَ ؟ قال : وكَيْفَ نَأْتِيكُم . وأَنْتُمْ لاَ تَقُصُّونَ أَظْفَارَكُمْ . وَلاَ تَأْخُذُونَ شَوَارِبَكُمْ وَلاَ تَسْتَاكُونَ ، وَمَا نَتَنَزَّلُ إلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ . انتهى . وقد جاءت في فَضْل السواك آثَارٌ كثيرة ، فمنها : ما رواه البزارُ في « مسنده » عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال : " إنَّ العَبْدَ إذَا تَسوَّكَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي ، قَامَ المَلَكُ خَلْفه ، فَيَسْمَعُ لِقَرَاءَتِهِ ، فَيَدْنُو مِنْهُ حَتَّىٰ يَضَعَ فَاهُ عَلَىٰ فِيهِ ، فما يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ إلاَّ صَارَ فِي جَوْفِ المَلَكِ " انتهى من « الكوكب الدري » . وفيه : عن ابنِ أَبِي شَيْبَة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال : " صَلاَةٌ عَلَى إثْرِ سِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلاَةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ " انتهى . وفي « البخاري » : أَنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، مَرْضَاة لِلرَّبِّ . اهــ . وقوله سبحانه : { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا … } الآية ، المقصودُ بهذه الآية الإشعارُ بملك اللّه تعالى لملائكته ، وأن قَلِيلَ تصرُّفِهِم ، وكَثِيرَه إنما هو بأَمْره وانتقالهم مِنْ مَكانٍ إلى مَكانٍ إنَّما [ هو ] بحدٍّ منه . وقولُه : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } أَيْ : ممن يلحقُه نِسيانٌ لبعثنا إليك ، فــ { نَسِيّاً } . فَعِيلٌ من النّسْيانِ ، وهو الذُّهُولُ عن الأُمور . وقرأ ابنُ مسْعودٍ : « وَمَا نَسِيَكَ رَبُّكَ » . وقوله { سَمِيّاً } قال قوم : معناه مُوَافِقاً في الاِسْم . قال * ع * : وهذا يحسنُ فيهِ أَن يريد بالاِسْم ما تقدم مِنْ قوله { رَبُّ ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أَيْ : هل تعلم من يسمى بهذا ، أَو يوصف بهذه الصفة ؛ وذلك أَن الأُمم والفِرَق لا يسمون بهذا الاِسْم وَثَناً ، ولا شَيْئاً سِوَى اللّه تعالى . قال القُشَيْرِيُّ في « التحبير » : قولهُ تعالى : { وَٱصْطَبِرْ لِعِبَـٰدَتِهِ } : الاصْطبارُ : نهايةُ الصَّبْرِ ومَنْ صَبَر ، ظَفَرَ ، ومَنْ لاَزَمَ ، وَصَلَ ؛ وفي مَعْناه أَنْشدُوا : [ البَسيط ] . @ لاَ تَيْئَسَنَّ وَإنْ طَالَتْ مُطَالَبَةٌ إذَا ٱسْتَعْنَت بِصَبْرٍ أَنْ تَرَىٰ فَرَجَا أَخْلِقْ بِذِي الصَّبْرِ أَنْ يَحْظَىٰ بِحَاجَتِه وَمُدْمِنِ الْقَرْعِ لِلأَبْوَابِ أَنْ يَلجَا @@ وأَنشدوا : [ البسيط ] @ إنِّي رَأَيْتُ وَفِي الأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ لِلصَّبْرِ عَاقِبَةً مَحْمُودَةَ الأَثَرِ وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي شَيْءٍ يُحَاوِلُهُ وَٱسْتَصْحَبَ الصَّبْرَ إلاَّ فَازَ بالظَّفَرِ @@ انتهى . وقال ابنُ عباسٍ ، وغيرُه : { سَمِيّاً } معناه : مَثِيلاً ، أَو شَبِيهاً ، ونحو ذلك ؛ وهذا قوْلٌ حَسَنٌ ، وكأن السمي بمعنى : المسامي ، والمضاهي ؛ فهو من السُّموِّ .