Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 13-16)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُواْ كَمَا ءَامَنَ ٱلنَّاسُ … } الآية : المعنَىٰ : صدِّقوا بمحمَّد وشرعه كما صدَّقَ المهاجرون والمحقِّقون من أهل يثرب ، قالوا : أنكون كالذين خَفَّت عقولهم ، والسفه : الخفَّة والرقَّة الداعيةُ إِلى الخفة ، يقال : ثوب سَفِيهٌ ، إِذا كان رقيقًا هَلْهَلَ النَّسْجِ ، وهذا القول إِنما كانوا يقولونه في خفاء ، فَأَطْلَعَ اللَّه عليه نبيَّه عليه السلام ، والمؤمنين ، وقرر أن السفه ورقَّة الحلوم وفساد البصائرِ إِنما هو في حيِّزهم وصفةٌ لهم ، وأخبر أنهم لا يعلمون أنهم السفهاء لِلرَّيْنِ الَّذي على قلوبهم . وقوله تعالَىٰ : { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ … } الآية : هذه كانت حالَ المنافقين : إِظهارُ الإيمان للمؤمنين ، وإِظهار الكفر في خلواتهم ، وكان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يعرض عنهم ، ويَدَعُهُمْ في غمرة الاشتباه ؛ مخافة أن يتحدَّثَ الناسُ عنه أنه يقتُلُ أصحابه حَسْبَمَا وقع في قِصَّة عبد اللَّه بن أُبَيٍّ ابْنِ سَلُول ، قال مَالِكٌ : النِّفَاقُ في عهد رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم هو الزندقةُ اليَوْمَ ، واختلف المفسِّرون في المراد بشياطينهم ، فقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما : هم رؤساء الكفر ، وقيل : الكُهَّان ، قال البخاريُّ : قال مجاهدٌ : { إِلَىٰ شَيَـٰطِينِهِمْ } ، أي : أصحابهم من المنافقين والمشركين . قال : * ص * : شياطينهم : جمع شيطانٍ ، وهو كل متمرِّد من الجنِّ والإِنْسِ والدوابِّ . قاله ابن عبَّاس ، وأنثاه شيطانة . انتهى . * ت * : ويجب على المؤمن أن يجتنب هذه الأخلاق الذميمة ، وقد ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ " رواه أبو داود ، وفيه عنه صلى الله عليه وسلم : " مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا ، كَانَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ " انتهى . من سنن أبي داود . { ٱللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ } : اختلف المفسِّرون في هذا الاستهزاء ، فقال جمهور العلماء : هي تسمية العُقُوبة باسم الذَّنْب ، والعربُ تستعمل ذلك كثيرًا ، وقال قوم : إن اللَّه سبحانه يفعل بهم أفعالاً هي في تأمل البَشَر هُزْءٌ ؛ روي أنَّ النَّارَ تجمد كما تَجْمُدُ الإِهالة ، فيمشون عليها ، ويظنون أنها منجاة ، فتخسف بهم ، وما روي أن أبواب النَّار تفتح لهم ، فيذهبون إِلى الخروج ، نحا هذا المنحى ابنُ عَبَّاس والحسن . * ت * : وقوله تعالى : { قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَاءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً } [ الحديد : 13 ] يقوِّي هذا المنحَىٰ ، وهكذا نص عليه في اختصار الطبريِّ . انتهى . وقيل : استهزاؤه بهم هو استدراجُهُمْ بُدرُور النعم الدنيوية ، و { يمدُّهم } ، أي : يزيدهم في الطغيان ، وقال مجاهد : معناه : يملي لهم ، والطغيان الغُلُوُّ وتعدِّي الحدِّ ؛ كما يقال : طَغَى المَاءُ ، وَطَغَتِ النَّارُ و { يَعْمَهُونَ } : معناه : يتردَّدون حيرةً ، والعَمَهُ الحَيْرَةُ من جهة النَّظَر ، والعَامِهُ الذي كأنه لا يُبْصِرُ .