Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 8-12)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالَىٰ : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَنْ يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ … } إِلَى { وَمَا يَشْعُرُونَ } . هذه الآية نزلت في المنافقين ، وسَمَّى اللَّهُ تعالَىٰ يوم القيامة اليَوْمَ الآخِرَ ؛ لأنه لا ليل بعده ، ولا يقالُ يوم إِلا لما تقدَّمه ليل ، واختلف المتأوِّلون في قوله : { يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ } ، فقال الحسن بن أبي الحسن : المعنى يُخَادِعُون رسول اللَّه ، فأضافَ الأمرَ إلى اللَّه تجوُّزاً ؛ لتعلُّق رسوله به ، ومخادعتُهم هي تحيُّلهم في أن يُفْشِيَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنون إليهم أسرارهم . * ع * : تقول : خادَعْتُ الرجُلَ ؛ بمعنى : أعملْتُ التحيُّل عليه ، فَخَدَعْتُهُ ، بمعنى : تمَّت عليه الحيلة ، ونفذ فيه المرادُ ، وقال جماعةٌ : بل يخادعون اللَّهَ والمؤمنين ؛ بإِظهارهم من الإِيمان خلافَ ما أبطنوا من الكفر ، وإِنما خدعوا أنفسهم ؛ لحصولهم في العذاب ، { وَمَا يَشْعُرُونَ } بذلك ، معناه : وما يعلمون علْمَ تفطُّن وتَهَدٍّ ، وهي لفظة مأخوذة من الشِّعَار ؛ كأن الشيء المتفطَّن له شعار للنَّفْس ، وقولهم : لَيْتَ شِعْرِي : معناه : ليت فطنتي تُدْرِكُ . واختلف ، ما الذي نَفَى اللَّه عنهم أنْ يشعروا له ؟ فقالت طائفة : وما يَشْعُرُونَ أنَّ ضرَرَ تلْكَ المخادَعَةِ راجعٌ عليهم ؛ لخلودهم في النَّار ، وقال آخرون : وما يَشْعُرُونَ أنَّ اللَّه يكشف لك سِرَّهم ومخادعتهم في قولهم : { ءَامَنَّا } . قوله تعالَىٰ : { فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } ، أي : في عقائدهم فسادٌ ، وهم المنافقون ، وذلك إما أن يكون شكًّا ، وإما جحدًا بسبب حسدهم مع علمهم بصحَّة ما يجحدون ، وقال قوم : المَرَضُ غمُّهم بظهوره صلى الله عليه وسلم ، { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضًا } ، قيل : هو دعاءٌ عليهم ، وقيل : هو خبر أنَّ اللَّه قد فعل بهم ذلك ، وهذه الزيادة هي بما ينزل من الوحْيِ ، ويظهر من البراهين . * ت * : لما تكلَّم . * ع * : علَىٰ تفسير قوله تعالَىٰ : { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ٱلسَّوْءِ } [ الفتح : 6 ] . قال : كل ما كان بلفظ دعاء من جهة اللَّه عزَّ وجلَّ ، فإِنما هو بمعنى إيجاب الشيء ؛ لأنَّ اللَّه تعالى لا يدعو علَىٰ مخلوقاته ، وهي في قبضته ، ومن هذا : { وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ } [ الهمزة : 1 ] ، { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } [ المطففين : 1 ] ، وهي كلها أحكام تامَّة تضمنها خبره تعالَىٰ : { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، أي : مؤلم ، { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ } أي : بالكفر وموالاةِ الكفرةِ ؛ ولقول المنافقين : { إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } ثلاثُ تأويلاتٍ : أحدها : جحد أنهم يفسدون ، وهذا استمرار منهم على النِّفاق . والثاني : أنّ يقروا بموالاة الكُفَّار ويدَّعون أنها صلاحٌ ؛ من حيث هم قرابةٌ توصل . والثالث : أنهم يصلحون بين الكفار والمؤمنين . و « أَلاَ » : استفتاحُ كلامٍ ، و « لكن » : حرف ٱستدراكٍ ، ويحتمل أن يراد هنا : لا يَشْعُرُونَ أنهم مفسدون ، ويحتمل أن يراد : لا يشعرون أن اللَّه يفْضَحُهم .