Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 197-197)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـٰتٌ } في الكلام حذفٌ ، تقديره : أشهر الحج أشهرٌ أو وقتُ الحجِّ أشهر معلوماتٌ ، قال ابن مسعود وغيره : وهي شوَّال ، وذُو القَعْدة ، وذو الحَجَّة كلُّه . وقال ابن عبَّاس وغيره : هي شَوَّال ، وذو القَعْدة ، وعَشْرٌ من ذي الحجة ، والقولان لمالكٍ - رحمه اللَّه - { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ } ، أي : ألزمه نفْسَهُ ، وفرض الحج هو بالنيةِ والدخولِ في الإِحرام ، والتلبيةُ تَبَعٌ لذلك ، وقوله تعالى : { فِيهِنَّ } ، ولم يجــىء الكلام « فيها » ، فقال قوم : هما سواء في الاستعمال ، وقال أبو عثمانَ المَازِنِيُّ : الجمعُ الكثيرُ لما لا يعقل يأتي كالواحدةِ المؤنَّثة ، والقليلُ ليس كذلك ، تقول : الأجذاعُ ٱنْكَسَرْنَ والجُذُوعُ ٱنْكَسَرَتْ ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ } [ التوبة : 36 ] ثم قال : { مِنْهَآ } [ التوبة : 36 ] . وقوله تعالى : { فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ … } الآية ، وقرأ ابن كثيرٍ ، وأبو عمرٍو : « فَلاَ رَفَثٌ وَلاَ فُسُوقٌ وَلاَ جِدَالَ » ، بالرفع في الاثنين ، ونصب الجدال ، و « لا » بمعنى « لَيْسَ » ، في قراءة الرفع ، والرَّفَثُ الجماعُ في قول ابن عبَّاس ، ومجاهد ، ومالك ، والفُسُوقُ قال ابن عبَّاس وغيره : هي المعاصِي كلُّها ، وقال ابن زَيْد ، ومالك : الفُسُوقُ : الذبْح للأصنام ، ومنه قوله تعالَىٰ : { أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } [ الأنعام : 145 ] والأول أولَىٰ . قال الفَخْر : وأكثر المحقِّقين حملوا الفِسْقَ هنا على كل المعاصِي ؛ قالوا : لأن اللفظ صالِحٌ للكلِّ ومتناولٌ له ، والنهي عن الشيء يوجبُ الاِنتهاءَ عن جَميعِ أنواعه ، فحمل اللفْظ على بعض أنواع الفسوقِ تحكُّم من غير دليل . انتهى . قال ابن عباس وغيره : الجِدَالُ هنا : أن تماري مسلماً . وقال مالك ، وابن زَيْد : الجدالُ هنا أن يَخْتَلفَ الناسُ أيهم صادَفَ موقفَ إِبراهيمَ - عليه السلام - ؛ كما كانوا يفعلون في الجاهلية ، قُلْتُ : ومعنى الآية : فلا تَرْفُثُوا ، ولا تفسُقُوا ، ولا تجادلُوا ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : " وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ ، فَإِذَا كَانَ صَوْمُ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ ، وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ ، أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ إِنِّي ٱمْرُؤٌ صَائِمٌ … " الحديث . انتهى . قال ابن العربيِّ في « أحكامه » : قوله تعالى : { فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ } ، أراد نفيه مشروعاً ، لا موجوداً ، فإِنا نجد الرفَثَ فيه ، ونشاهده ، وخبَرُ اللَّه سبحانه لا يَقَعُ بخلافِ مخبره . انتهى . قال الفَخْر : قال القَفَّال : ويدُخُل في هذا النهْيِ ما وقَعَ من بعضهم من مجادلة النبيِّ صلى الله عليه وسلم حين أمرهم بفَسْخِ الحَجِّ إِلى العمرة ، فشَقَّ عليهم ذلك ، وقالوا : « أنروحُ إِلَىٰ مِنَىٰ ، ومَذَاكِيرُنَا تَقْطُرُ مَنِيًّا … » الحديث . انتهى . وقوله تعالى : { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ } : المعنى : فيثيب عليه ، وفي هذا تحضيضٌ على فعل الخير . * ت * : وروى أُسَامَةُ بنُ زيدٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ صُنِعَ إِليْهِ مَعْرُوفٌ ، فَقَالَ لِفَاعِلِهِ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً ، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ " رواه الترمذيُّ ، والنَّسائي ، وابنُ حِبَّانَ في « صحيحه » بهذا اللفظ . انتهى من « السلاح » ونحو هذا جوابُهُ صلى الله عليه وسلم للمهاجرينَ ؛ حَيْثُ قَالُوا : « مَا رَأَيْنَا كَالأَنْصَارِ » ، وأثنوا علَيْهم خيراً . وقوله سبحانه : { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ … } الآية : قال ابن عُمَرَ وغيره : نزلَتِ الآية في طائفةٍ من العرب ، كانت تجـــيء إِلى الحج بلا زادٍ ، ويبقون عالة على النَّاس ، فأمروا بالتزوُّد ، وقال بعض النَّاس : المعنَىٰ : تزوَّدوا الرفيقَ الصالحَ ، وهذا تخصيصٌ ضعيفٌ ، والأَولَىٰ في معنى الآية : وتزوَّدوا لمعادِكُمْ من الأعمال الصالحة ، قُلْتُ : وهذا التأويلُ هو الذي صَدَّر به الفخْرُ وهو الظاهرُ ، وفي قوله : { فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ } حضٌّ على التقوَىٰ .